أثناسيوس بطريرك
إثر انفضاض مجمع نيقية، عاد ألكسندروس الإسكندري إلى دياره فسام أثناسيوس كاهناً وسلّمه مقاليد الإرشاد والوعظ وشرح تعاليم المجمع النيقاوي. ثم بعد ثلاث سنوات رقد ألكسندروس (328) فاختير أثناسيوس ليحلّ محلّه. لم يكن الاختيار من دون صعوبات. أثناسيوس كان له مناهضوه، لأسباب عديدة بينها أسباب شخصية كفتوّته. كان في الثلاثين يومذاك. ثم إن البعض اعتبروه متصلباً قاسياً تنقصه المرونة في التعاطي مع الآخرين. أنّى يكن الأمر فقد ورد أن قديسنا لجأ إلى أحد الديورة هرباً من الأسقفية لكنه رضخ، بعد لأي، للأمر الواقع.
أولى مهام أثناسيوس كرئيس أساقفة على الإسكندرية وتوابعها، كانت استعادة الوحدة والنظام في أبرشيته الشاسعة التي عانت لا من الهرطقة الآريوسية وحسب بل من جماعة ملاتيوس المنشقّة أيضاً وكذلك من الانحطاط الخلقي وانحلال الانضباط الكنسي. وعلى مدى سنوات جال أثناسيوس في كل الأنحاء المصرية، حتى الحدود الحبشية، يسيم الأساقفة ويختلط بالمؤمنين الذين اعتبروه، إلى النهاية، أباً لهم. كما تفقّد الأديرة، حتى التي في برّية الصعيد، وأقام، لبعض الوقت، في دير القديس باخوميوس (15أيار). باخوميوس كان يقدّر أثناسيوس كثيراً، وقد سمّاه "أب الإيمان الأرثوذكسي بالمسيح".
أقام أثناسيوس الأسقف في شيء من الهدوء يرعى شعبه سنتين. ثم انفجر الصراع مع الآريوسية من جديد وعلى أخطر مما كان قبل مجمع نيقية.