قول أثناسيوس
التركيز في دفاع أثناسيوس كان على تراث الكنيسة وتعليمها وإيمانها كما سلّمه السيد وكرز به الرسل وحفظه الآباء. في مقابل ميول مناهضيه العقلانية قدّم قدّيسنا الإيمان على العقل. أرسى أسس الفكر اللاهوتي القويم كما لم يفعل أحد من قبله. من هنا فضله ومن هنا تسميته في تراثنا بـ "أب الأرثوذكسية" أو كما دعاه القديس غريغرريرس اللاهوتي "عمود الكنيسة". كلمة الله، عند آريوس مولود فهو إذن مخلوق، من نتاج مشيئة الآب السماوي. عند أثناسيوس، كلمة الله مولود ولكنه غير مخلوق لأنه نابع من جوهر الآب لا من مشيئته. هو منه كالشعاع من الضوء. ليس فقط إن كل ما للابن هو للآب بل كل ما للآب هو للابن أيضاً. كل مل ء اللاهوت هو في الابن كما في الآب. الواحد لا ينفصم عن الآخر. من رآى الابن فقد رأى الآب في آن. ليس الآب من دون الابن ولا الابن من دون الآب. كما الضوء والشعاع واحد، الآب والابن واحد. لذلك لم يكن هناك وقت أبداً لم يكن فيه الابن موجوداً وإذا كان الآب والابن واحداً فالآب مميّز عن الابن والابن مميّز عن الآب. ثم وحدانية الآب والابن في الجوهر مرتبطة بتجسّد الابن وبالتالي بخلاصنا لأن الذي اتخذ بشرتنا واتحد بها إنما أعطانا أن نتّحد به وأن نتّخذ ألوهته. من هنا كلام القديس بطرس في رسالته الثانية (4:1) عن صيرورتنا "شركاء الطبيعة الإلهية"، وكلام القديس أثناسيوس نفسه عن كون: "الله صار إنساناً لكي يصير الإنسان إلهاً". لو لم يكن الابن من جوهر الأب لما كان بإمكانه أن يجعلنا على مثال الآب. وكما الابن كذلك الروح القدس. الروح القدس أيضاً من جوهر الآب وإلاّ ما أمكنه البتة أن يؤلهنا، أن يجعلنا شركاء الطبيعة الإلهية.