قال عنه النيصصي: إنه توصّل إلى اكتساب طهارة نفسية وجسدية إلى حدّ فائق لا يمكن للطبيعة البشريّة أن تصل إليه، ولم يسمح لنفسه أن تميل عن سيادة الأفكار القويمة الصافية. "كان كملك روحي يتحكّم بقواه النفسية ويشعّ ببهاء كليّ بحضوره الجسدي".
ومن أبرز ما اختصّه به ربّه لنقاوة طويّته وعمق توبته وحفظ نفسه بريئاً من الدنس موهبة الدموع. كان يبكي لخطاياه وخطايا العالمين باستمرار. لا جفّت دموعه لا في ليل ولا في نهار. وكما يبدو طبيعياً للناس أن يتنفّسوا، على حدّ تعبير النيصصي، كانت دموع أفرام لا تنقطع.
وكان أفرام يعتبر نفسه أشقى الناس ويودّ لو يعامله الجميع كالسِقط. لذا كان لكلمات المديح في أذنيه وقع موجع. وكلّما طرقت أذنيه كلمة مديح تألّم وتغيّرت سحنته وانحنى إلى الأرض وتصبّب عرقاً وصمت صمتاً رهيباً وقطع لسانه الحياء. ولما حانت ساعة رحيله قال موصياً: "لا ترنّموا لأفرام ترانيم الجنّاز ولا تمدحوه ولا تدفنوه بسبان فاخرة ولا تحفروا لجسده قبراً خاصاً لأني اتفقت مع الله أن أستريح في مقبرة الغرباء".
عاش أفرام في برّية نصيبين سنين عديدة كان خلالها كأنه خارج الجسد وخارج العالم، على حدّ تعبير القدّيس غريغوريوس اللاهوتي. وقد تعرّض لاضطهاد عدد من الرهابين الفاترين. لكنه استعان بمثال يوليانوس معلّمه ونصائحه. كان معلّمه إليه عزاء وكذلك يعقوب أسقف نصيبين الذي احتضنه ورعاه وقدّمه وجعله رأساً للمدرسة اللاهوتية التي أسسها هناك.