كلمة في الختام
نلاحظ أن الكتاب المقدس يُشدد على السهر بأهمية كبير :
[ فاذكر كيف أخذت وسمعت وأحفظ وتب، فإني، إن لم تسهر، أُقدم عليك كلص ولا تعلم أية ساعة أُقدم عليك (أُباغتك) ] (رؤ3: 3)
[ وإنما نهاية كل شيء قد اقتربت فتعقلوا واصحوا للصلوات ] (1بط4: 7)
ويقول القديس مقاريوس الكبير : [ فإذا كنت قد صرت عرشاً لله، وجلس فوقك الراكب السماوي ، ونفسك كلها قد صارت عيناً روحانية ، وصارت نفسك كلها نوراً ، وإذا كنت قد تغذيت بذلك الغذاء ، غذاء الروح القدس ، وإن كنت قد سُقيت من ماء الحياة ، وإن كنت قد لبست ملابس النور الذي لا يوصف، وثَبت إنسانك الداخلي في اختبار هذه الأمور بملء الثقة واليقين ، فإنك بذلك تكون حياً ، إنك تحيا الحياة الأبدية بالحقيقة ، وإن نفسك هي في الراحة مع الرب منذ الآن فصاعداً . انظر فها أنت قد قَبِلت هذه الأشياء من الرب وامتلكتها بالحق ، لكي ما تحيا الحياة الحقيقية . ولكن إذا وعيت نفسك ووجدت أنه ليس عندك شيء من هذه الأشياء ( التي سبق ذكرها ) فحينئذٍ يلزم أن تبكي وتنوح وتحزن لأنك حتى الآن لم تجد الغنى السماوي الأبدي .
لذلك ينبغي أن تتوجع بسبب فقرك المدقع ، وتتضرع إلى الرب ليلاً ونهاراً لأنك قد سقطت في فقر الخطية المرعب .
يا ليت كل إنسان يصير لهُ إحساس سريع وتوَجُّع بسبب فقره، ولا نسير في الحياة بلا مبالاة ، مُكتفين كأننا قد امتلأنا ! ، لأن الذي يحس بشدة فقرة ، ويأتي إلى الرب ويسأله بالصلاة باستمرار ، فأنه حالاً يحصل على الفداء والكنوز السماوية . كما قال الرب في ختام حديثه عن القاضي الظالم والأرملة ” أفلا ينصف الله الذين يصرخون إليه ليلاً ونهاراً ، نعم أقول لكم أنه ينصفهم سريعاً “(لو18: 7) ، الذي لهُ المجد والقوة إلى الأبد آمين ] (عظات القديس مقاريوس 1: 12)
وليكن لسان حال نفوسنا كما قال القديس ميثوديوس الأوليمبي على لسان النفس :
[ إني مخطوبة للكلمة الإلهي ، وجعالتي (مكافأتي – جائزتي) هي إكليل الأبدية والغنى الذي من عند الآب ، وأنا أنتصر في الأبدية وأُتوَّج بزهور الحكمة المشرقة التي لا تذبُل … إني واحدة في الخورس مع المسيح الذي يوزع مكافآته في السماء ، ذلك الخورس الواقف حول الملك غير المبتدئ الأبدي … لقد صرت حامله المصباح ذو أنوار لا يُدنى منها ، واشترك في تسبيحه رؤساء الملائكة الجديدة . مُعلنة النعمة الجديدة التي للكنيسة ]
ويقول أيضاً ولنا هذا الكلام بالضرورة :
[ امضين إذاً أيتها العذارى واملأن آنيتكن بالبرّ ، لأن الساعة آتية عندما يجب أن تقومن وتقابلن العريس ، أذهبن واتركن بخفة ملذات ومسرات الحياة التي تُربك النفس وبذا يُمكنكن أن تحصلن على الوعود الإلهية ]
وفي النهاية وبذلك الاستعداد يكون مدح العريس لنا :
[ لقد سبيت قلبي يا أختي العروس ، قد سبيت قلبي بإحدى عينيك بقلادة واحدة من عنقك ، ما أحسن حبك يا أختي العروس ، كم محبتك أطيب من الخمر ، وكم رائحة أدهانك أطيب من كل الأطياب (لأنها تطيبت برائحة العريس الزكية – و اسلكوا في المحبة كما أحبنا المسيح أيضاً و اسلم نفسه لأجلنا قربانا و ذبيحة لله رائحة طيبة (أف 5 : 2) ؛ لأننا رائحة المسيح الذكية لله في الذين يخلصون و في الذين يهلكون (2كو 2 : 15)) ، شفتاك يا عروس تقطران شهداً ، تحت لسانك عسل ولبن (كلام تسبيح وصلوات مقدمة بمحبة للعريس السماوي) ورائحة ثيابك كرائحة لبنان ( الشجر العطر من بخور وكل رائحة الزهر المنتشر على الجبال وفي الأودية ) أختي العروس جنه مغلقة عين مكقفلة ، ينبوع مختوم ( لا تفتح إلا لعريسها فقط ) ] (نشيد 4: 6 – 12)
ونقول في الختام مع القديس أمبروسيوس :
[ يلزمنا أن نكون دوماً يقظين ساهرين ، لأن كلمة الله يقفز كغزال أو كالإيل (نشيد2: 9) ، يليق بالنفس التي تطلبه وتتوق إلى امتلاكه أن تكون في يقظة دائمة ، وتحافظ على وسائل دفاعها .
” في الليل على فراشي طلبت من تحبه نفسي ” (نشيد3: 1) …
يلزم أن من يطلب باهتمام ، يطلب وهو في فراشه ، يطلب في المساء ، فلا يكون لهُ ليالٍ ولا أجازات ، لا يخلو وقته من خدمة صالحة . وإن لم يجده في بادء الأمر فليُثابر في البحث عنه . لهذا تقوم النفس : ” إني اقوم وأطوف في المدينة ، في الأسواق ، وفي الشوارع ” نشيد 3: 2 ]
فلنطلب إذن باهتمام بسعي واجتهاد دائم لا يتوقف ، عريس نفوسنا يسوع لأن الرسول يقول :
[ فاني أغار عليكم غيرة الله لأني خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح ] (2كو 11 : 2) ،
فلنجتهد يا أحبائي للسعي لنصل للعريس السماوي لنتحد به ونتشرب من محبة الثالوث القدوس فيه ، لأنه وسيطنا الوحيد
[ لأن به لنا كلينا قدوما في روح واحد إلى الآب ] (أف 2 : 18) ،
[ الذي به لنا جراءة و قدوم بإيمانه عن ثقة ] (أف 3 : 12) ،
[ و مهما سألنا ننال منه لأننا نحفظ وصاياه و نعمل الأعمال المرضية أمامه ] (1يو 3 : 22) ،
[ فلنتقدم بثقة إلى عرش النعمة لكي ننال رحمة و نجد نعمة عونا في حينه ] (عب 4 : 16)