رهبنته:
اختار القدّيس باسيليوس، بعد جهد، مكاناً اعتبره أكثر الأمكنة التي عرفها ملاءمة للحياة الرهباينة: أيبورا الواقعة على ضفة نهر إيريس مقابل أنيسي حيث أنشأت أخته مكرينا ديرها. هكذا وصفه: «... مكان يتوافق تماماً ورغبتي الشديدة في النسك والعزلة... هناك جبال عالية تكسوها الأشجار المختلفة، تشق سفوحها وأعماقها وديان متعرجة. تنبسط عند أقدامها سهول خصبة تتفجر منها أنّهار وجداول... مثل جزيرة لا يضاهيها جملاً وروعة ولا حتى جزيرة «كالبسو» التي تغنّى بها هوميروس. وعلى مرتفع، وسط هذه البقعة، يقوم منسكي الذي يشرف على كلّ تلك الأرجاء... النهر يجري هادراً وتنظر الأزهار المتنوعة وتسمع تغريد الطيور الممتزج بخرير الماء. لكن المهم... تلك العزلة التي أتمتّع بها... بعيداً عن ضجيج العالم. ولا يأتيها الزوار إلا نادراً.
لم يُقم باسيليوس في المكان وحيداً. انضم إليه بعض طلاب الحياة الرهبانية وكذلك، ولو بعد تردد، صديقه الصدوق القدّيس غريغوريوس اللاهوتي.