لم يجد قدّيسنا أمامه خياراً غير الانسحاب من الإسكندرية. تركها في تشرين الأول 362م. وإذ رأى الرهبان الذي رافقوه إلى المركب يبكون قال لهم: "لا تحزنوا! ليست هذه سوى غيمة صغيرة وتعبر!" أحد مراكب العسكر الملكي لاحقه واقترب منه. سألوا "أينأثناسيوس؟" أجاب: "ليس بعيداً عنكم!" ولكن بدل أن يفتّشوا المركب انصرفوا. أما أثناسيوس فوُجد بين رهبان صعيد مصر، لكنه كان ينزل إلى الإسكندرية حيثما دعته الحاجة. عملاء يوليانوس كانوا يعرفون ذلك لذلك لاحقوه. مرة كان في مركب يصلّي وكاد أن يقع فيأيدي مضطهديه. قال للأنبا بامون الذي رافقه: "أشعر بالهدوء في زمن الاضطهاد أكثر مما أشعر في زمن السلم". وإذ أردف موجِّهاً كلامه إلى صحبه: "إذا ما قُتلت..." قاطعه بامون قائلاً: "في هذه اللحظة بالذات قضى يوليانوس عدوّك في الحرب الفارسية!" هذا، كما تبيّن فيما بعد، كان صحيحاً. ففي تموز 323م خرج يوليانوس إلى الحرب ضد الفرس فقضى بسهم طائش من أحد عسكريّيه ولم يعد.