وصدر لأثناسيوس من القسطنطينية أمر بمغادرة الإسكندرية، كما جرى تعيين أسقف آريوسي جديدمحلّه هو غريغوريوس الكبّادوكي. دخل غريغوريوس بمواكبة عسكرية. وصل في آذار 340م. وبوصوله شاع جو إرهابي. فدُنِّستالكنائس ولُوِّثت المذابح وأُوقف رهبان وعذارى وأودعوا السجون وعُذِّبوا. الإسكندرية الكنيسة خضعت للاحتلال العسكري. أماأثناسيوس فتوارى. استقل سفينة برفقة أمونيوس وإيسيدوروس الراهبين وارتحل. إلى أين؟ إلى رومية حيث استقبله يوليوس الأولأسقفها استقبالاً طيّباً. هذا فيما أُوعز لحكّام الإسكندرية أن يقطعوا رأس أثناسيوس إذا تجرّأ فعاد إلى الديار المصرية.
بقي قدّيسنا فيالمنفى ست سنوات. تلك كانت سنوات مخصبة. أخذ ينتقّل في الغوب بحرّية. كان محترماً ومقدَّراً من الجميع. وعظ، خاطب الأساقفة،علّم عن نيقية، وقيل كتب، آنذاك، سيرة القديس أنطونيوس الكبير التي كان لها أثر بارز على الغرب وعلى شيوع الرهبنة فيه. وتأكيداًلدعم يوليوس الأسقف لأثناسيوس، دعا إلى مجمع في رومية في تشرين الثاني 342
زكّى الإيمان النيقاوي وأعلن أنه لا يعترف بغيرأثناسيوس أسقفاً على الإسكندرية. ولم يطل رد فعل الآريوسيين حتى ورد، فعقدوا مجمعاً مضاداً في أنطاكية وضع دستور إيمان جديدواتخذ تدابير قانونية خاصة للحؤول دون إمكان عودة أثناسيوس إلى كرسيّه. على هذا بدا العالم المسيحي مقسّماً إلى غربأرثوذكسي وشرق يرزح تحت نير الآريوسية. أخيراً، سنة 345، اندلعت الثورة في الإسكندرية وقُتل غريغوريوس المغتصب. وإذ تنبّهقسطنديوس إلى خطر اندلاع حرب أهلية هناك تراجع وسمح لأثناسيوس بالعودة، فعاد خلال العام 346م وقيل 348م.