رقاده:
كثيراً ما كان القدّيس أفرام يشعر بالأسى و السخط و الاضطراب متى أدرك أن الآخرين يعاملونه كقدّيس أو متى عبّروا عن إكرامهم و تقديرهم له. فلما دنت ساعته أوصى تلاميذه و أصدقاءه قائلاً: "لا ترتّلوا الأناشيد الجنائزية في دفن أفرام و لا تؤبّنوه. لا تلفّوا جثتي في كفن غالي الثمن. لا تقيموا النصب لتذكاري. فقط خصّصوا لي مكاناً كما لسائح لأني سائر وغريب كما كان آبائي على الأرض". وإذ لاحظ إن البعض كانوا قد هيّأوا أغطية ثمينة لدفنه حذّرهم من أن يفعلوا و أشار عليهم بضرورة صرف الأموال لا على الأكفان بل على الفقراء. أحد الأغنياء أبى أن يسمع و عزم، في قلبه، على تنفيذ مأربه فاستبدّ به الشيطان و لم يتركه إلاّ بعدما صلّى عليه القدّيس و كشف له فكر قلبه و صرفه عما كان مزمعاً أن يقوم به. كذلك اعترف القدّيس بكونه رجلاً خاطئاً بطّالاً وطلب من الحاضرين ألا يجعلوا رماده الآثم تحت المذبح ولا يأخذ أحد شيئاً من أسماله للبركة ولا يعامله أحد بكرامة لأنه كان خاطئاً و آخر الجميع. "بل ألقوا جسدي بسرعة على أكتافكم و ارموني في المقبرة كأني السقط. لا يمدحنّني أحد لأني أخسّ الناس. و لكي تعاملوني كما استأهل ابصقوا عليّ. لو قُيِّد لكم أن تشتموا نتانة أعمالي لفررتم مني و تركتموني بلا دفن". كل المدينة اجتمعت عند بابه. الكل بكى وسعى للدنو منه ليسمع ولو نصيحة أخيرة من فمه. ثم توقّف أفرام عن الكلام واستمر في صلاته بصمت إلى أن أسلم الروح. وقد حفظت مدينة الرها ذكره وأخذت تعيّد له بعد موته مباشرة. هناك، في عيده، يبدو أن القدّيس غريغوريوس النيصصي ألقى مديحته بناء لطلب شخص يدعى أفرام أسره الإسماعيليون وقيّدوه فاستجار بالقدّيس أفرام فأجاره. يصور طويل القامة، محدودباً من ثقل الأيام، عذباً، جميل المحيّا، ذا عينين سابحتين بالدمع وفي نظرته وهيئته سمات القداسة.
