وكان في اللافرا حمار يستعين به الإخوة على نقل حاجتهم من المياه، من نهر الأردن. وقد اعتادوا أن يسلموا الحمار ليُحفظ الأسد. فكان الأسد يخرج بالحمار إلى ضعة النهر ليرعى ثم يعود به إلى اللافرا. وحدث في أحد الأيام أن كان الحمار يرعى تحت حراسة الأسد ولكنّه ابتعد قليلاً ولم يلاحظه الأسد، ربما لأنه غفا قليلاً، فمرّ جمّالون آتون من العربية فوجدوا الحمار فأخذوه وذهبوا. بحث الأسد عن الحمار فلم يجده فعاد إلى الدير حزينًا مطأطئ الرأس.
فظن جراسيموس أن الأسد عاد إلى وحشيته وافترس الحمار فقال له: " أين الحمار؟ " فصمت الأسد وأحنى رأسه، فقال له الراهب: هل افترسته؟ إني باسم الله المبارك أقول لك، ما اعتاد الحمار فعله عليك أنت أن تفعله من الآن فصاعداً.
من تلك اللحظة أخذ الأسد يحمل البردعة والآنية الأربعة للمياه. بقي الأسد على هذه الحال ردحاً من الزمان. وذات يوم مرّ عسكري بالمكان فرأى الأسد يحمل المياه فتعجّب وسأل عن السبب. فلما أُخبر بما جرى أسف لحاله وأخرج ثلاث قطع فضية أعطاها للرهبان ليشتروا حمارًا ويطلقوا سراح الأسد. فكان كذلك وانطلق الأسد حرًا.
وما إن مضى بعض الوقت حتى حدث العجب. كان الأسد يتنقّل حرًا فإذا به يجد نفسه وجهًا لوجه أمام الحمار الضائع.