ثم سأل هذان الأعميان الثالث كيف عمي فأجاب: عندما كنت شابّاً كنت أكره العمل وإجهاد النفس. وجدت البطالة تناسبني أكثر من العمل. فلما تضايقت واحتجت بدأت أتعاطى السرقة وكلّ رذيلة. وذات يوم رأيت جنازة كانت لرجل غنيّ وكان المشيّعون في طريقهم إلى مواراته الثرى. كان متّشحاً حلّة أنيقة. فتبعتُ الموكب إلى أن وصل إلى كنيسة القدّيس يوحنّا. هناك جرى الدفن. فلمّا حلّ الليل فتحت المقبرة وجرّدت الجثّة من ملبسها إلا القميص الداخليّ. وفيما كنت أهمّ بالخروج سمعت، في داخلي، كلمات أثيمة تقول لي: عد وخذ القميص أيضاً فإنها من الصنف الممتاز! فعدت لآخذ القميص أيضاً وأترك الجسد عرياناً. فجأة ارتفعت الجثّة وجلس صاحبها مقابلي وأنا في ذهول ثم مدّ يديه وخدش وجهي بأظافره فانطفأت عيناي كلتاهما. ففررت، أنا اللعين، من القبر مذعوراً فاقد البصر.