- معيانته للنور غير المخلوق:
ولم يطل الوقت به حتى تلقّى عربون الحظوة عند الله في معاينة عجيبة للنورغير المخلوق نقلته خارج العالم وخارج جسده. ملأته الفرحة الكبرى وسبح في الدمع حاراً وأخذ يردد بلا توقف ولا كلل: كيرياليصون (يا رب ارحم).
وفي قلب ذلك النور عاين أباه الروحي سمعان قائماً إلى يمين غيمة مضيئة يعلّمه فن الصلاة دونما تشتت.
وإذ لم تكن خبرته الأولى في معاينة المجد الإلهي مؤسسة على ركائز اللاهوى، فإنّه ما لبث أن سقط في الفتور والتراخي. لكنّه عاد فتاب كما عن خطيئةٍ عظيمة. ولست أو سبع سنوات، بعد ذلك، استمر في علاقته بأبيه الروحي دون أن يسعى إلى الخروج من العالم وبطلانه.
استقر في قلاية صغيرة تحت درج قلاية سمعان أبيه. هناك كان دائم النظر في خطاياه يقوم من الأعمال بأحقرها لاغياً إرادته الخاصة تماماً معتبراً أباه كالمسيح نفسه، لاثماً، بإكرام كبير، كلّ مكان وقف فيه أبوه للصلاة كما لو كان قدس الأقداس.
على هذا، وقد احتمى قدّيسنا بصلاة سمعان، صار بإمكانه أن يرد عن نفسه بلا خوف، هجمات الأبالسة التي حاولت، بكلّ قواها، أن تبث فيه الخوف والكسل والنجاسة والحسد، بكلّ عنف، لتبعث في نفسه اليأس.