فلما سمع فرمليانوس القاضي هذه الأسماء، سأل من أين أتوا فقيل له من أورشليم، وكانوا يقصدون أورشليم العليا استناداً لقول بولس الرسول: "وأما أورشليم العليا التي هي أمنا جميعاً فهي حرّة" (غلا26:4) وأيضاً "قد أتيتم إلى جبل صهيون وإلى مدينة الله الحي أورشليم السماوية" (عب22:12).
لم يرق الجواب للقاضي فسأل أين توجد هذه المدينة فقالوا له إنها وطن الأتقياء فقط وتقع في الشرق البعيد في مشرق الشمس. أورشليم، في ذلك الزمان، لم تكن تدعى بهذا الاسم بل كانت تعرف بـ "إليا".
للحال خطر ببال القاضي أن هؤلاء المسيحيين المشبوهين يُعِدّون لبناء مدينة معادية للرومانيين فطلب المزيد من المعلومات عنها. ولكي يُجبر الجماعة على البوح بما اعتبره سرّاً أشبع الخمسة ضرباً وتعذيباً، ولكن على غير طائل. ولما لم يظفر القاضي ببغيته حكم على الخمسة بالموت. على الأثر تحوّل فرمليانوس إلى بمفيلس ورفيقيه فسألهم ما إذا كانوا مستعدين لأن يكونوا أكثر تعاوناً وطاعة من ذي قبل فألفاهم على موقفهم، لا يتزحزحون. ولما تلقى من كلّ واحد الإجابة الرافضة عينها كآخر كلمة له حكم على الثلاثة بالموت.
في تلك الأثناء انبرى من بين الجمع شاب يدعى برفيريوس كان خادماً لبمفيلس تربّى في الحياة الفضلى على يديه. هذا لما سمع بالحكم الصادر بحقّ معلمه ورفيقيه صرخ طالباً دفن أجسادهم. فتحرّك القاضي كما لو أن سهماً سُدّد إليه وأمر بالقبض على الشاب وإخضاعه للتعذيب. وإذ عُرض على برفيريوس أن يذبح للأوثان رفض فأشار القاضي إلى المعذّبين بكشط جلده حتى إلى العظم والأحشاء ففعلوا. وبخلاف ما كان الحاكم يظنّ ثبت برفيريوس طويلاً.