تميّزه:
في أسفار صموئيل والملوك نجد الكاتب كمؤرِّخ يرصد الأحداث ويسجِّلها بدقة كما حدثت، تاركًا القارئ ليتعلم بنفسه من التاريخ كما سجّله المؤرِّخ الإلهي الصادق· لكن في سفري الأخبار نجد أمرًا مختلفا تمامًا؛ فالكاتب على الرغم من كونه يتعامل مع نفس الفترة الزمنية ونفس الأحداث إلا أنه لا يرصدها كمؤرِّخ عاصر الأحداث، بل هو كاتب ماهر ومعلِّم قدير قرأ التاريخ قراءة جيدة من أربعة عشر مرجع ذكر أسماءهم في كتابه، ثم أعاد كتابة التاريخ من منظور خاص؛ ألا وهو رؤيته لقصد الله من وراء الأحداث· فالله منذ تأسيس العالم قَصَد أن تكون له شهادة على الأرض من خلال شعب معين ورجل معين وبيت معين؛ فاختار إسرائيل ليكون شعبه، وداود ليكون رجله، وهيكل أورشليم ليكون بيته· وهذا جعله وهو يكتب يستعمل الأسلوب الانتقائي، فهو لا يسجِّل كل الأحداث، ولا يتوقف عند كل الأنسال أو كل التفاصيل، بل بسرعة شديدة يمرّ على الكل حتى يصل لموضوع القصد الإلهي فيطيل الوقوف عنده·