العودة الى الجبل المقدس :
أخيرًا، عاد إلى الجبل المقدّس فاستقبله رهبان فاتوبيذي بفرح. بعد قليل من استشهاد تلميذه مكاريوس التسالونيكي (14 أيلول)، ترك الدير، سرًّا، وتحوّل إلى دير ديونيسيو متخفيَّا. كان يلبس ثوب راهب بسيط. طلب الانضمام إلى الشركة.
أسندت إليه مهمّة سائس البهائم. ذات يوم، فيما كان يحفظ الحيوانات في الجبل، عاين رهبان شعلة نار ترتفع إلى السماء ولاحظ أحدهم القدّيس في الصلاة وكلّه بهاء. عاد الراهب، بسرعة، إلى الدير ليتقل الخبر. اجتمع الرهبان في الكنيسة ليسألوا الله في أمر نيفون من تراه يكون. ظهر القدّيس يوحنا السابق، شفيع الدير، للرئيس وأمره بإعداد العدّة لاستقبال نيفون، بطريرك القسطنطينيّة.
فلما عاد القدّيس إلى الدير في حلّته البسيطة، كانت الشركة كلّها في انتظاره بالباب، على قرع الأجراس، بالشموع وبالبخور، إكراماً لرتبته.
فلما طالعه المشهد انطرح أرضًا والدموع في عينيه، وسأل الإخوة الصفح لأنّه خدعهم.
شرح لهم أن هذا كان لخلاص نفسه ولكيّ يجد رحمةً في الدينونة، فإنّه، هربًا من الكرامات الباطلة وهموم العالم جعل نفسه في خدمتهم كالأخير بينهم.
فيما بعد، استمرّ يخدم الشركة في الأمور الوضيعة عينها، معلّمًا بالمثال الطيّب التواضع، ومستأسرًا كلّ فكرٍ جسديّ لناموس الروح بنسكٍ فائق.
عرف نسّاك الجبل المقدّس ورهبانه أن قمر الأرثوذكسيّة مقيم بينهم، فكان الدير، كلّ أحد وكلّ يوم عيد، يمتلئ رهبانًا متشوّقين لتلقّي تعليم قدّيس الله.