مخاطبته للشمس ومن ثم ذهابه إلى رهبان البرّيّة:

رغم شروره كان يخاطب الشّمس كأنّها الإله سائلاً إيّاه أن يكشف له ذاته. وجاء يوم سمع فيه صوتاً يدعوه إلى البرّيّة، إلى رهبان برّيّة شيهيت الذين ذاع خبرهم في ذلك الزّمان. ذهب إلى هناك حاملاً سيفه. التقى القسّ إيسيدوروس، وكان خارجاً من قلاّيته ليذهب إلى الكنيسة، فارتعب من منظره. سألَه القسّ: "ماذا تريد يا أخي هنا؟" أجابه موسى:"قد سمعت أنّك عبد الله الصالح. من أجل هذا هربت وأتيت إليك ليخلّصني الإله الذي خلّصك". وكان يلحّ عليه: "أريد أن أكون معك ولو أنّي صنعت خطايا كثيرة وشروراً عظيمة".
سأله إيسيدوروس عن سيرته فاعترف لديه بكلّ ما صنع من شرور. فلمّا تأكّد له صدقه أخذ يعلّمه ويعظه بكلام الله ويخبره عن الدّينونة العتيدة. ثمّ غادره لتأمّلاته.
ذرف موسى الدّمع سخيّاً وقد كره الشّرّ وعزم على التّوبة. اجتاح الندم نفسه وأقلقه في لياليه كالشّبح المخيف.
عاد إلى الأب إيسيدوروس وركع أمامه وأدّى اعترافاً بصوت عالٍ وانسحاق قلب وهو يبكي. أخذه إيسيدوروس إلى الأنبا مكاريوس الذي رعاه وعلّمه وأرشده برفق وعمّده ثمّ سلّمه إلى الأنبا إيسيدوروس ليتابع العناية به.