عار العقر:
مضى على زواجهما خمسون سنة وأصبحا طاعنين في السن ولم يرزقا بولد، فتملّكهما الحزن لأن ذريّة داود كانت قد أعطيت رجاءً بميلاد ماسيّا المخلّص الموعود به لخلاص البشر.
كما كانا محط احتقار مواطنيهما، حسب عادة ذلك الزمان، لأن العاقرين في نظرهم هما خاطئين أمام الرّب، وعارين على أمتهما.
حياتهما كانت طافحة بالمحبة لله والشفقة على القريب، فكانا يفرزان كلّ سنة ثلثي دخلهما ويقدّمان الثلث إلى هيكل الرّب، ويوزّعان الآخر على الفقراء، وأما الثالث فيبقيانه لحاجاتهما.
كانا سعيدين في حياتهما هذه، إلّا أن عار العقر كان يفعم قلبيهما طوال مدّة حياتهما الزوجيّة الطويلة، وكان ليواكيم الحق بموجب الشريعة الفريسيّة أن يقاضي حنة بالطلاق بسبب عقرها، إلاّ أنّه، وهو الرجل الصدّيق، قد أحب امرأته حنّة واحترمها لأجل وداعتها الفائقة وفضائلها ولم يرد أن يفارقها، فعانيا كلاهما ثقل الامتحان باكتئاب قلب تنزّه عن التذمّر، واستمرا يعيشان في الصوم والصلاة والإحسان، ويشدد احدهما الآخر بمحبّة متبادلة، والأمل بأن الله قادر أن يرحم عباده.