من نعم الله عليه:
وينقل كاتب سيرته عدداً من الرؤى التي شاهدها وعجائب أجراها الله بواسطته. ومن الرؤى مثلاً أنه كثيراً ما كان ملاك من عند الرب يشترك معه في الخدمة الإلهية، وأنه فيما كان، مرة، يرتل المديح لوالدة الإله رافعاً الصلوات الحارة من أجل ديره، جاءته برفقة الرسولين بطرس ويوحنا وقالت له أن صلواته قد قبلت وأنها لن تترك ديره بعد اليوم. ومن العجائب المنسوبة إليه شفاؤه المرضى وطرده الأرواح الشريرة وإقامته الموتى. ونورد في هذا المقام إحدى هذه العجائب وهي إخراج ماء من الأرض قريباً من ديره. ذلك أنه لم يكن بقرب الدير أي ماء وكان على الإخوة أن يذهبوا بعيداً لقضاء حاجتهم. وقد أضحى الأمر شاقاً بعدما زاد عددهم. فكان أن تذمر بعضهم على القديس قائلاً: لماذا استقر في هذا الموضع ولا ماء فيه؟! فأجابهم القديس: "لأن رغبتي كانت أن أكون في هذا المكان وحيداً. ولكن، شاء الله غير ذلك. لذلك أقول لكم صلوا بحرارة ولا تيأسوا، لأن من أفاض المياه من الصخرة للعبرانين العصاة، كيف يتخلى عنكم أنتم اللذين تتعبون من أجله ليل نهار". ثم أنه صرفهم وسار برفقة واحد من تلاميذه قليلاً إلى أن بلغ حفرة اجتمع فيها بعض مياه الأمطار. هناك جثا على ركبتيه وأخذ يصلي قائلاً: "يا الله، إلهنا، وأب ربنا يسوع المسيح، يا من خلقت السماء والأرض وكل خليقة منظورة وغير منظورة، يا من خلقت الإنسان من العدم ولم تشأ موت الخاطئ إلى أن يرجع فيحيا، إننا، نحن الخطأة غير المستحقين، نطلب إليك فاستجب لنا في هذه الساعة الحاضرة ليتمجد اسمك.
وكما أجريت بيدك القوية عجيبة لموسى في البرية لما أفضت المياه من الصخرة بأمرك، فأنت الآن هنا اظهر قوتك لأنك أنت خالق السماء والأرض، وامنحنا في هذا الموضع ماء ليعرف الجميع أنك مستجيب لصلوات خائفيك ويمجدوا اسمك، أيها الآب والابن والروح القدس، الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين". وإذا بالمياه تخرج من باطن الأرض بغزارة وتملأ المكان. من هذه المياه، وإلى اليوم، صار الدير يقضي حاجته.
عاش القديس سرجيوس ثمان وسبعين سنة، وقد كشف له الرب الإله ساعة موته قبل ذلك بستة أشهر فأعد نفسه وتلاميذه وزودهم بتوجيهاته وأقام عليهم تلميذه المتفاني نيقون وأسلم الروح. كان ذلك في اليوم الخامس والعشرين من شهر أيلول من العام 1392م أو ربما من العام 1397م.