الشركة وأربعون ديراً:
ثم أن خبر سرجيوس بلغ فيلوثاوس، بطريرك القسطنطينية في ذلك الزمان، فبعث إليه برسالة حضه فيها على تنظيم الحياة الرهبانية عنده على أساس الكينوبيون أو الشركة، وفيها يصلي الرهبان الصلوات الكنسية مجتمعين، وينامون في قلالي مشتركة وينقسمون إلى فرق عمل ويشتركون في أمور الحياة ولا تكون لأي منهم ملكية خاصة. وقد أطاع سرجيوس لتوه وباشر تغير النظام في الجماعة من إيديورينمي إلى شركوي. كان ذلك ابتداء من العام 1354م.
ومع أن الأمور أخذت تنتظم في هذا الاتجاه شيئاً فشيئاً، إلا أن بعض الإخوة بدأوا يتململون إلى أن كاد تململهم يتحول إلى عصيان، فأضحت الجماعة على شفير الانقسام والانفراط لولا تجرد القديس سرجيوس الذي آثر الانصراف عن الجماعة، ولو إلى حين، على فرض النظام الجديد فرضاً. شوقه، في كل حال، كان إلى حياة الخلوة. وقد بينت المستجدات بعد ذلك أن يد الرب كانت وراء ما حدث لأن سرجيوس بدأ بتأسيس دير في غير مكان. وكان هذا خطوة في اتجاه تأسيس عدد من الأديرة هنا وهناك، يظن الدارسون أنها قد بلغت، يومها، الأربعين عدداً. يذكر أن سعي القديس سرجيوس إلى الحياة الرهباينة المشتركة كان بمثابة بعث لها بعدما زالت إثر الغزو التتري للبلاد الروسية.