اثنا عشر تلميذاً:
بعد ذلك بدأ العلي يجتذب إلى سرجيوس الراغبين في الحياة الملائكية، فاجتمع حوله، خلال فترة قصيرة، اثنا عشر تلميذاً، استدعى لأجلهم، أول الأمر، ذاك الكاهن الراهب الذي أعطاه الإسكيم ليكون لهم مرشداً لأنه قال إن ابتغاء الرئاسة أصل لكل الشرور. ولكن ما أن انقضى عام على هذا الترتيب حتى رقد الراهب واضطر سرجيوس إلى الرضوخ لإلحاح الجماعة فصار عليها رئيساً وكاهناً.
كان نمط الحياة في الجماعة، أول الأمر، إيديوريتمياً، أي فردياً مترابطاً، يتمتع فيه كل من الرهبان بقدر وافر من الاستقلال، ويكون هناك تناسق بينهم. لا يجتمعون إلا مساء كل سبت في الكنيسة ليستمعوا إلى تعليم أبيهم، ثم يسبحون ويحضرون القداس الإلهي ويتناولون الطعام سوياً صباح الأحد ثم ينصرفون.
ومن البدء، اعتمد سرجيوس مسرى محدداً في تعاطيه مع الإخوة. فكان يقوم، بعد صلاة المساء، بجولة سرية عليهم لاستطلاع أحوالهم. فإن رأى أحد الإخوة مصلياً أو ساجداً أو منشغلاً بعمل يدوي اغتبط وشكر الله لأجله. وإن سمع اثنين أو ثلاثة يتسامرون أو يتضاحكون حزن ونقر على الباب أو على النافذة وانصرف. ثم في الصباح أرسل في طلبهم أشار إلى ما فعلوه، تلميحاً لا تصريحاً، ووعظهم باللطف والأمثال. فإن تحركت نفوسهم واعترفوا واستغفروا باركهم وصرفهم وأن تقسوا وعاندوا وتمردوا وبخهم وعاقبهم. وهكذا اعتاد الإخوة أن يخصصوا ساعات الليل لله وحده. أما في النهار فكانوا يحافظون على الصمت ويعملون.