عندما أصبح في الرابعة عشرة من عمره ذهب إلى القسطنطينية بهدف العمل. وهناك بعد جهدٍ جهيدٍ تمكّن من الحصول على عمل عند أحد أقربائه في معمل للدخّان. إلاّ أن أجره كان قليلاً جدا ممّا اضطره لأن يمضي أيامه جائعاً مَعُوزاً. كان يزورُ الكنيسة بشكلٍ متواصل مستمداً تعزيته من الصلاة الدائمة. في أحد الأيام كتب رسالةً على المسيح طالباً منه المعونة جاء فيها ما يلي: "يا ربّي يسوع، تسألني لماذا أبكي. ثيابي اهترأت وحذائي تخرَّق، وأنا حافي القدمين، موجوعٌ متضايق. نحن في فصل الشتاء وأنا بردان. البارحة مساءً أعلمت صاحب المحل بحالي فسبَّني وطردني. قال لي أن اكتب رسالةً إلى القرية حتى يبعثوا لي بما أحتاج إليه. ولكني، يا ربّي يسوع، منذ أن بدأتُ بالعمل لم أُرسٍلْ لوالدتي قرشاً واحداً...ماذا تريدني أن أعمل الآن؟... كيف أعيش بلا ثياب؟... ثيابي أَرتيها فتعود وتتمزَّق من جديد. سامحني على إزعاجي. أسجد لكَ وأمجِّدُك خادمُك أنسطاسيوس" ثم طوى الرسالة ووضعها في ظرفٍ وكتب العنوان التالي: "إلى ربّنا يسوع المسيح في السماوات". لكن موظف البريد عندما رأى هذا العنوان الغريب فتح الرسالة وقرأها وكان لها وقعٌ كبيرٌ في نفسه، فأعطى أنسطاسيوس مبلغاً لا بأس به من المال، فأخذه أنسطاسيوس شاكراً واشترى له ثياباً وحذاءً وبعض الحاجيّات الأخرى، إلاّ أنّ صاحب العمل عندما رأى ثيابه جديدة طرده متّهماً إيّاه بالسرقة، فذهب وعمل في أحد المحال.