كلام القدّيس يوحنا عن الموت كان حياً لدرجة أنه والحاضرين معه كانوا يتمثلون الدينونة كما لو كانت أمام عيونهم فيهلعون ويرتجفون. وكان هو يقول في صرخة صلاة: "أعطنا، ربي، ملائكتك القدّيسين أدلاء يحفظوننا ويهدوننا لأن سخط الشياطين علينا مريع، ومريع الخوف والارتجاف وخطر السفر عبر بحر الهواء. فإنه إذا ما كان السفر من مدينة إلى مدينة على الأرض يستدعي دليلاً يقودنا لئلا نقع في الشقوق وأجحار الضواري أو الأنهر المتعذّر اجتيازها أو الجبال التي لا معبر فيها ولا يبلغ إليها أو في أيدي اللصوص أو في صحاري لا ماء فيها ولا حدّ لها فنتوه، فكم ترانا بحاجة إلى أدلاء وحراس من الله متى انطلقنا في تلك الرحلة الطويلة الأزلية، رحلة الخروج من الجسد إلى السماء؟".
هذه الأقوال وغيرها اعتاد القديس تردادها، وكان لها على السامعين وطأتها فالمتعظمون يتعظون والضاحكون يبكون وذوو العيون الوقحة يطأطئون الرأس ويخرسون والجميع يخرجون على غير ما دخلوا، نخسي القلوب، حزانى على نفوسهم.