وأرسل يوحنا في طلب الرجل وأخرج الحاضرين خارجاً لأنه لم يرد أن يذلّه. ثم قال له: "لاشك أن تقدمتك غاية في السخاء ونحن محتاجون إليها في الوقت الحاضر، ولكنها تقدمة معيوبة، وأنت تعلم أن الحمل في الشريعة، بغض النظر عن حجمه، كبيراً أو صغيراً، ما كان ليقبل قرباناً إلا خالياً من العيب. لذا لم ينظر الله إلى قايين عندما قرّب ذبيحته. أما بعد، فما قلته يا أخي بشأن ما ذكره الرسول أنه بالضرورة يصير تغيّر للناموس أيضاً فإنما كان بشأن شريعة العهد العتيق وإلا لما قال يعقوب، أخو الرب: "من حفظ كل الناموس وإنما عثر في واحدة فقد صار مجرماً في الكل". (يع10:2). أما ما يختص بأخوتي الفقراء، وبالكنيسة المقدّسة، فإن الله الذي أعالهم قبل أن نولد، أنا وأنت، سيعولهم اليوم أيضاّ، ولكن، فقط، إن حفظنا وصاياه غير منثلمة. فإن من كثّر الأرغفة الخمسة قديماً قادر أن يكثّر الأكياس العشرة الباقية في أهرائنا. لذلك أقول لك، يا بني، ما هو مكتوب في سفر أعمال الرسل: "ليس لك نصيب ولا قرعة في هذا الأمر". (أع21:8).
وما كاد يخرج من عند يوحنا حتى جاءه خبر أن سفينتين محمّلتين بالذرة قادمتين من صقلية قد رستا لتوّهما في الميناء. إذ ذاك وقع يوحنا على ركبتيه وشكر العليّ وقال: "أشكرك، يا معلم، أنك لم تسمح أن يبيع خادمك نعمتك بفضّة. والحق، الحق أن من يلتمسونك ويحفظون أحكام كنيستك المقدّسة لا ينقصهم أي خير".