وللقدّيس غريغوريوس قول مأثور عن أهميّة الجسد " إن الإنسان بفضل كرامة الجسد المخلوق على شبه الله هو أسمى من الملائكة ". كان يقول أنه من النفس تنسكب في الجسد طاقة إلهية بصورة متواصلة وأن الملائكة وإن كانوا أدنى إلى الله فلا أجساد لهم تنسكب فيها الطاقة الإلهية على هذا النحو. وعنده أن الإنسان يصبح إلهاً متى انكب على التأمل وعاين في موضع القلب نور التجلّي المتوهج.
هذا ومع القدّيس غريغوريوس انتهى الجدل الذي طالما كان قائماً بين قائل بإمكان إدراك الإنسان لله وقائل بخلاف ذلك. فيما أن نعمة الله قد صار بالإمكان معاينتها في النور غير المخلوق المتدفّق في "موضع القلب "، وبما أن الرهبان، ولاسيما القديسين، يتمتّعون بهذه النعمة، في أعمق تأملاتهم، لذا يخلص غريغوريوس إلى أن الله بات بالفعل قابلاً للمعاينة لأنه هو إياه هذا النور. ومع ذلك يبقى الله، إلى الأبد، غير منظور، يبقى في جوهره كذلك. بكلام آخر، الله معروف في ذاته، في شخصه كنور غير مخلوق، لا في جوهره.
بكلمات القدّيس غريغوريوس نفسه: "ليس لنا أن نشترك في الطبيعة الإلهية، ومع ذلك، وبمعنى من المعاني، لنا أن نشترك، وبيسر، في طبيعة الله، لأننا ندخل في شركة معه، فيما يبقى الله تماماً وفي الوقت نفسه بمنأى عنا. لذا نؤكد معاً، وفي وقت واحد، أمرين متناقضين نسرّ بهما ونعتبرهما مقياساً للحقيقة".