• إلى آثوس من جديد:
لم يطل المقام بغريغوريوس في فاريا أكثر من خمس سنوات، إذ اضطّر تحت غارات الصربيين إلى العودة إلى الجبل المقدس (آثوس) حيث نزل في منسك القدّيس سابا التابع لدير اللافرا الكبير، والرابض فوق أكمّة تعلو على الدير ويحتاج قاصدها إلى ساعة سيراً على الأقدام ليصل إليها.
هناك انصرف غريغوريوس إلى تواصل أعمق وربّه، فبلغ معاينة الله في نور الروح القدس والتألّه.
هنا يروي مترجمه أنه فيما كان ذهنه مرة ملتصقاً بالله " أخذه نعاس خفيف فعاين الرؤيا التالية: ظهر وهو يمسك بيديه وعاء مملوءاً حليباً. وقد أخذ الحليب فجأة يفيض كنبع وينسكب خارج الوعاء. ومن ثم ظهر وكأنه استحال خمرة ممتازة زكيّة الرائحة... فجأة ظهر له إنسان نوراني بلباس عسكري وقال له: لما لا تعطي يا غريغوريوس للآخرين بعضاً من هذا الشراب العجيب المنسكب بغزارة، بل تتركه يذهب هدراً؟ ألا تعلم أنه هبة من الله ولن ينضب أبداً؟
فأجاب غريغوريوس: لا طاقة لي على منح مثل هذا الشراب لأحد ولا يوجد من يطلب مثل هذا النوع من الشراب.
أجابه الرجل: وإن لم يكن ثمة من يسعون في طلب في مثل هذه الخمرة، في الوقت الحاضر، فإن عليك أن تعمل وسعك ولا تتهاون في تقديمه للآخرين. أما الإثمار فمتروك لله".
هكذا أيقن غريغوريوس أنه قد آن الأوان لمباشرة عمل كتابي يفيد منه من يحرّك الله قلوبهم.