نزل غريغوريوس وأخواه في مكان قريب من دير فاتوباذي في الجبل المقدّس، ووضعوا أنفسهم في عهدة أب هدوئي يدعى نيقوديموس.
الهدوئية هي طريقة رهبانية نسكية تتمثّل في حياة نصف مشتركة يتحلّق فيها الرهبان حول شيخ روحاني فيسلكون في النسك والصلاة ويذهبون في السبوت والآحاد إلى الدير الذي يعتبر اسقيطهم من توابعه ليشتركوا في الخدم الليتورجية وسرّ الشكر.
أمضى غريغوريوس في هذا الموضع ثلاث سنوات قضاها في الصلاة والصوم والسهر. كان ذكر والدة الإله لديه دائماً، يستعين بها على نفسه.
ويذكر مترجم سيرته أنه فيما كان يصلّي مرةً، ظهر له يوحنا اللاهوتي، شيخاً وقوراً، وقال له: " لقد أرسلتني إليك ملكة الكل والفائقة القداسة لأسألك لما تصرخ إلى الله في كلّ ساعة: أنر يا رب ظلمتي! أنر ظلمتي؟! فأجاب غريغوريوس: وماذا أطلب أنا الممتلئ أهواء وخطايا غير الرحمة والاستنارة لأدرك مشيئة الله القدّوسة وأعمل بها؟ فقال له الإنجيلي: إن سيّدة الكل تقول لك بواسطتي أنها جعلتني معها معيناً لك في كل شيء. فسأله غريغوريوس: وأين تريد أم ربي أن تساعدني؟ أفي الحياة الحاضرة أم في الآتية؟ فأجاب يوحنا اللاهوتي: في الحياة الحاضرة والآتية معاً".