29 - 06 - 2012, 12:26 PM
|
رقم المشاركة : ( 15 )
|
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: ملف كامل عن دير المحرق ( جبل قسقام )
الصـــلاة الدائمـــة
"إسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد. فتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك. ولتكن هذه الكلمات التى أنا أوصيك بها اليوم على قلبك وقصّها على أولادك وتكلم بها حين تجلس في بيتك وحين تمشى فى الطريق وحين تنام وحين تقوم واربطها علامة على يدك لتكن عصائب بين عينك وأكتبها على قوائم أبواب بيتك وعلى أبوابك"( تثنية 6 : 4 ـ 9 ) هذه الوصية قالها الرب في العهد القديم فكم يكون المسيحي في العهد الجديد الذي نال المواعيد وكُشفت له طرق الخلاص والحياة الأبدية في المسيح يسوع. وبناء عليه كان التعليم الإنجيلي للصلاة بدون إنقطاع هو أحد سمات المسيحي الحقيقي لأنها وسيلة الإتصال الفريدة والمضمونة بينه وبين الهه القدوس.لذلك سعى الآباء معلمي الكنيسة منذ بدء المسيحية في الحث والتأكيد على أهمية الصلاة الدائمة بدون إنقطاع لأنها الوسيلة الفعلية للتعايش المستمر للمحبة والإيمان والرجاء الناتج من عمل النعمة داخل الكيان المسيحي. فإن كان هذا هو مبدأ الحياة الحقيقية لكل إنسان يعيش مع المسيح رب المجد فكم يكون عند الراهب المسيحي!! لذلك قام الدير بعمل دراسة شاملة عن موضوع الصلاة الدائمة بدون إنقطاع في مفهوم آباء الكنيسة عموماً وتطورها في الرهبنة المسيحية في الشرق خاصة.
لقد كان للآية الكتابية مفعولها المضطرم داخل المسيحي يهذّ فيها على الدوام ليلاً ونهاراً بدون إنقطاع. إلا أن الإنطلاق الروحاني الملتهب داخل كيان الراهب في الحياة مع المسيح، جعل الآباء يزدادوا تمسكاً وتشبثاً بالآية ومصدر روحها من خلال ترديد اسم يسوع بصور مختلفة حتى لا تقف شفاههم وأفكارهم وقلوبهم عن الهذيذ والتأمل في الاسم الإلهي للوصول إلى الإلتحام اللانهائي في شخص المسيح يسوع ربنا. إستخدم الآباء جملاً كثيرة في صلواتهم حسب تباين بيئاتهم ومعيشتهم، فبينما كانت في مصر صور عديدة ـ استمرت حتى العصر الحديث ـ للهذيذ في الكتاب المقدس وفي جمل إضافية مستوحاه بإلهام الروح القدس العامل فيهم. إلا أن صلاة يسوع ( يارب يسوع المسيح ابن الله الحى إرحمنى أنا الخاطئ ) صارت هى الطابع المميز للهذيذ عند آباء الكنيسة اليونانية والكنيسة الروسية، منذ القرون الوسطى المتأخرة حتى العصر الحديث وأصبح لها تداريب وممارسات بأسلوب ومنهج روحاني.
ومن الدراسة إتضح أن الآباء الأبرار الذين عاشوا في دير المحرق العامر إستقروا على الطابع الأقدم وهو الهذيذ الكتابي مع إضافة بعض الصيغ التي يراها كل واحد منهم نافعة لخلاص نفسه... وقد وُجدت بعض الصيغ في متون وحواشي المخطوطات المحفوظة بالدير... فعلى سبيل المثال لا الحصر..
+ياربي يسوع المسيح افتقدني برأفاتك.
+ يسوع المسيح الحى الدائم إلى الأبد.
+ الرب ربنا ما أعجب إسمك في الأرض كلها
+ ياربي يسوع المسيح إرحمني.
+ يارب يسوع المسيح أعنى.
+ ياربي يسوع المسيح تعطف على.
+ أشكرك ياربي يسوع المسيح.
+ أسبحك ياربي يسوع المسيح.
+ ياربي يسوع المسيح ساعدني على ما يرضيك.
+ ياربي يسوع المسيح سامحني بما سلف منى.
+ ياربي يسوع المسيح ترآف على.
+ ياربي يسوع المسيح أعن مسكنتى.
+ ياربى يسوع المسيح تحنن على.
+ ياربي يسوع المسيح عضدني بقوتك.
+ ياربي يسوع المسيح إغفر لي خطاياي
+ ياربي يسوع المسيح انظر الى.
+ حتى متى تنساني يارب إلى التمام حتى متى تصرف وجهك عنى..
+ أنا أعترف لك ياربي يسوع المسيح وأحمدك وأرتل لك وأبارك إسمك وأخضع لك وأسجد لك وأمجدك ولك الاقتدار والقوة والمملكةو والعزةوالجلال والسلطان والعظمة والجبروت إلى الأبد آمين.
والبعض الآخر إستحسن كتابة قول أو أقوال من آباء البرية الأقدمين حتى يتأمل فيها دائماً. فمثلاً في مخطوطة محفوظة بالمتحف البريطاني عن تفسير سفر التكوين ( من القرن 14 الميلادي ) منسوخة بواسطة القس إقلودة المحرقي ( أخو البطريرك الأنبا غبريال الرابع 86 )، وُجد فيها أنه نسخ بعض من أقوال القديس فليمون عن الصلاة الدائمة.( الذي عاش في برية شهيت في القرن السادس الميلادي ) ، ونصها الآتي...
بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد.
من سيرة الأب فيلمنس
سأله بعضُ الإخوة قائلاً : أيّها الأبُ، ما أصنع فأخلص؟ لأنى أرى العقلَ منّى تائهاً هنا وهنا، فيما لا يجب ولا يُجدى نفعاً فصمت القدّيسُ
قليلاً، ثمَّ قال له : هذا العارضُ يثبت عند البرّانيّين1، وهو من آلامهم. إذ كان ما قد صار فيك بَعْدُ شوقٌ إلى الله تامّاً كاملاً، ولا تُداخِلُك
حرارةُ الشغفِ به وتوقُّدِ مَعْرفته .
فقال له الأخُ : فايش 2 أعمل، يا أبى؟.
فأجابه ذلك الكبيرُ : امضِ اسلك فى قَلْبك هذيذاً خفيّاً، وفى ذهنِك أيضاً. ليُمكنِك، بواسطة قلبك وذهنك، أن تنظّف قَلبَك من هذه . فكان
الأخُ ما له 3 خبرة بما قاله الشيخِ.
فقال له : أيّها الأب، ماهو الهذيذ الخفىّ؟ .
فقال له الشيخُ : إمضِ، اهذّ فى قلبكَ وفى فكركَ بتيقّظ وفزع، قائلاً ياربَّنا يسوع المسيح، ارحمنى!. لأنّ ديادخس الطوبانىّ هكذا سلَّمَ
إلى المبتدئين.
فلمّا مضى الأخُ ، بمعونة الله وصلوات الشيخ، ولزمَ الصَّمتَ ، حلىَ له هذا الهذيذُ قليلاً قليلاً. فلمّا خلاّه 4 بَغْتةً، [و] انفصَل عنه وما أمكَنَه
أنْ يَفَْلَحَه بتَيَقُّظ، عاَد إلى الشيخ، وعَرَّفه بما جرى له.
فقال له : ها قد عَرَفْتَ أثَراً من اثار الصَمت والعَمَل. وصار لكَ دُرْبةً 5 به وبالحلاوة الصائرة. فَلْيكُنْ فى قلبكَ دائماً: هل 6 كنت َ تأكُلُ أو
تَشْرَبُ، أو تُفاوض قوماً، أو كنتَ خارجَ قلاّيتكَ، أو ماشياً فى الطريق. لايَعبُرُكَ أو يَفوتُكَ أنْ تُصلَّى بهذه الصلاة، بقلبٍ مُستَيقِظٍ غير تائهٍ،
وأن تَتلُوَ مزاميرَ وصَلَواتٍ. نعم ! وفى وقت حاجتكَ الضرورِيّة ، لا يَسْكُنْ عقلُكَ من الهذيذ الخفىّ والصلاة. لأنكَ علىِ هذه الصفة يمكنُكَ أَنْ
تَفهَمَ أعماقَ الكتاب الإلهىّ، وتَعلَمَ قوَّةَ مافيه بالحقيقة، وتعطى عقلَكَ عَمَلاً دائماً ، حتْىَ يتمَّ قولُ الرسول القائل : صلّوا على الدَّوام ! .
فتأمَّلْ نفسَكَ تأمُّل شافياً، واحفَظْ قلَبكَ، لئلاّ يُصيَرَ أفكاراً رديّةً بطّالةً لا تُجدى نَفْعَاً. لكنَّك على الدَّوام، فىِ حال نومكَ ويَقْظتكَ ، وأَكلكَ
وشربِكَ، ومحادتكَ 7 ، ليكُنْ قلبُكَ خفَياً، وفكرُكَ تارةً يَتْلُوا مزامير وتارةً يصَلى قائلاً : ياسيدَى يسوعَ المسيح، إرحمنىِ ! . وأيضاً تأمَّلْ ، إذا
ما كنتَ تصلّى بلسانكَ ، لا يكونُ فمُكَ ينطقُ بشئٍ وفكرُكَ يدورُ فى أشياء أُخَر! .
وسألَه الأخُ أيضاً كيف يَطُردُ عن نفسه النومَ والأفكارَ الخبيثةِ.
فأجابه الشيخُ : أنت هكذا مايُمكنُكَ أن تتسلَّحَ ، بل الأولى أن تتشَبَّثَ بهذيذ الخفىّ. وواصلِ الصَلَواتِ الليليّة والنهاريّة ، التى رسَمَها
الآباء القدّيسين، أعنى الثالثة والسادسة والتاسعة والعَشَىَّ 8 . وجميعِ ما رسموه ، احرصْ فى تتميمها وحفْظها، بكلّ جَهْدكَ. من حيثُ
لا تلتفِتُ إلى ما يُرضى الناس َ ، ولا تُعادى أحداً من الخَلْق، حتّى لاَ تُبعَدَ نفسكَ منَ الَلّه.
وقد اكتشف هذه الأقوال التى للقديس فليمون ـ بداخل المخطوطة ـ الآب سمير خليل اليسوعى . وقام بدراستها ... والقيت ضمن
محاضرة فى اللقاء الدولي عن الفيلوكاليا المنظم بواسطة الزمالة اليونانية ، وذلك فى روما عام 1989 م .
ـــــــــــــــــــ
1 ـ البرانيين : أحدى الكلمات المذكورة فى المخطوطات وتعنى من هم غير الروحيين. 2 ـ ايش : ماذا
3 ـ ماله : ليس له 4 ـ خلاّه بغته : أى تركه فجأة
5 ـ دُرْبة به : أى خبرة أو دراية أو تدريب. 6 ـ هل كنت تأكل : يعنى بها عندما تأكل أو تشرب.
7 ـ محادتك : أحاديثك أو كلامك 8 ـ العشى : أى الغروب أو صلاة العشية
|
|
|
|