فأسرع القدّيس سابا وثَناه، وكانت النتيجة أن سُجِنَ يوحنّا الثالث. أجبره الإمبراطور وهو في السجن أن يشترك مع أسفيرو بطريركِ أنطاكية. فتَظاهَرَ، بالتوافُقِ مع القدّيس سابا، بأنّه يتعهّد أن يشجب المجمعَ المسكونيّ الرابع وأن يَعترفَ باسفيرو إنّما في اجتماع رسميّ فقط بمرأى من الكنائس وتُجاه كلّ السلطات. حضر إلى الاجتماع آلافُ الرهبان والمؤمنون، فحرم البطريركُ المبتدعين واعترف بالمجامع الأربعة وهو على عرشه في كنيسة القدّيس استفانُس. إذّاك صَفَّقَ المؤمنون لبطريركهم القويّ بينما انسحب ممثِّلُ الإمبراطور مستسلماً. حَنِقَ الإمبراطور وقرَّر أن ينفي البطريرك يوحنّا الثالث مع سابا وثِئُذوسيُس. فألَّف الآباءُ الثلاثة رسالةً للإمبراطور عام 516 اعتبرها بعدَ صلواتٍ كثيرة فغيَّرت رأيه. عام 518، خَلَفَ أنستاسيُسَ الإمبراطورُ المستقيمُ الرأي يُستينُسُ وتَبِعَه يُستِنيانُس عام 527، هذان ثَبَّتا استقامةَ الرأي والسلامَ في الكنيسة. من خلال ردّة الفعل هذه على جدالات بدعة الطبيعة الواحدة، يمكن لأيِّ كان أن يَعِيَ قيمةَ حضور القدّيس سابا في القرن الخامس الكثير الاضطراب! لكنّ جهاداتِه لم تتوقَّف هنا، فقد ارتبط اسمُه بالثورة السامريّة، إذ تمرَّد السامريّون وأعلنوا مَلِكاً آخَر، وأغاروا ليَنهَبوا زارعين الرعبَ، وقتلوا أساقفةَ المسيحيّين، وأحرقوا ذخائرَ الشهداء. أخيراً قَمَعَ يُستِنيانُسُ الثورةَ، لكنّه حَقَدَ كذلك على مسيحيّي فِلَسطين الذين احتَفَظوا للسامريّين بآثار قاسية. فلجأ البطريرك من جديد إلى الشيخ القدّيس سابا الذي أربى على 90 من السنين. أرسلَه إلى القسطنطينيّة ليُسَكِّنَ غضبَ الإمبراطور. هذا كان يعرف حياة البارّ المعمّر وجهاداتِه فاستقبلّه بالتكريمات: سجد له سجدةً وعانقه وقَبَّلَ رأسه. بدورها انحنَت له الإمبراطورةُ ثِئُذورة وطلبت بركته. لقد حَظِيَ الناسكُ الأشيبُ بتقديرهم! بمرسوم إمبراطوريّ حدّ من التطرّف السامريّ وحرّر فِلَسطين من كل جباية كما حسّن ترميم الهياكل الجليلة في أماكن الحجّ المدمّرة، بالإضافة إلى تحصين ديره الكبير.