+ ضابط اسمه تيطس:
وأحب لاون الإمبراطور أن يكسب ودّ رجل مغوار كان مقيماً في بلاد الغال، له تحت إمرته رجال عديدون مدرّبون تدريباً جيداً على القتال. اسم الرجل كان تيطس. هذا استقدمه الإمبراطور إلى القسطنطينية وأرسله لزيارة قديس الله. فلما وقع نظر تيطس على المغبوط وسمع كلامه تعلّق قلبه به وقال: "كل تعب الإنسان يذهب على الغنى وجمع المقتنيات وإرضاء الناس. ولكنْ ساعة موته تذهب بكل ما يكون قد جمعه. لذلك خير لنا أن نكون خداماً لله لا للناس!". تفوّه تيطس بهذا وألقى بنفسه أمام رجل الله متوسلاً إليه أن يقبله في عداد رهبانه. فلما بارك القديس عليه وأثنى على عزمه، استدعى تيطس جنوده وقال لهم: "من الآن فصاعداً أنا جندي للملك السماوي. لقد كنت إلى الآن ضابطاً عليكم. لا نفعت نفسي ولا نفعتكم بل كنت أحثّكم على القتل وإراقة الدماء. أما الآن فإني أتخلى عن كل ذلك. فمن أراد منكم أن يبقى معي فليبق. لا ألزمكم بشيء. وها أمامكم أموال فخذوا منها وعودوا إلى بيوتكم". ثم وزّع عليهم المال، وانصرفوا كلهم إلا اثنان لازماه واقتبلا دعوته إلى الحياة الرهبانية. أما تيطس فأخذ يراقب القديس في سرّه ليرى ما يأكل وما يشرب وكيف يقضي حاجة نفسه. وقد بقي كذلك أسبوعاً كاملاً دون أن يتمكن من معرفة شيء عنه.