ثانيًا العبودية في العهد الجديد:
أنظمة العبودية في العهد الجديد:
بناء على ما جاء بالتلمود، ظل نظام العبودية عند اليهود، محكومًا بدقة بوحدة الشعب القومية. وكان هناك فرق واضح بين العبيد من اليهود، والعبيد من الأمم. فكان العبيد العبرانيون ُيعاملون بمقتضي شريعة العتق في السنة السابعة، كما كان على عاتق المجتمع اليهودي، فك أي عبراني مستبعد لشخص من الأمم، فلم يكن-في الواقع-ثمة فرق جوهري بين العبد والحر، لأن كل الشعب كانوا يعتبرون عبيدًا " للرب ". وعلي النقيض من ذلك، كانت العبودية في اليونان ُتبرّر نظريًا بأنها نظام طبيعي، فكان المواطنون، هم الذين يعتبرون-علي وجه التحديد-من البشر، أما العبيد فكانوا يعتبرون من المتاع، أو مجرد سلعة من السلع. فالحقيقة الواضحة، هي أنه طوال العصور اليونانية الرومانية، كان نظام الرق يعتبر نظامًا طبيعيًا حتي عند من كانوا يعملون على التخفيف من وطأته وتحسين أوضاعه.
وكان هناك تنوع كبير جدًا - باختلاف الأزمنة والأمكنة-في مدي انتشار هذا النظام وأساليب تطبيقه. والرأي الحديث متأثر جّدًا بأهوال استبعاد جموع كبيرة في المزارع في إيطاليا وصقلية في القرنين ما بين الحروب البونية وعصر أوغسطس، واللذين تميزا بقيام سلسلة من ثورات بطولية عنيفة من العبيد. وكان ذلك نتيجة غير مباشرة للغزو السريع لبلاد حوض البحر المتوسط. فقد كان هذا الغزو هو المصدر الرئيسي لأسواق الرقيق، من أسري الحروب. ولكن في أزمنة العهد الجديد، لم تكن ثمة لحروب كثيرة. ولكن كان الرومانيون يستخدمون العبيد في زراعة الأرض. بينما لم يكن في مصر نظام الرقيق لزراعة الأرض، إذ كان يقوم بذلك
الفلاحون الأحرار تحت إشراف حكومي. أما في أسيا الصغرى وسورية، فكانت هناك إقطاعيات كبيرة للمعابد، كان يقوم بزراعتها مستأجرون كانوا أشبه برقيق الأرض. وفي فلسطين – كما نستنتج من الأمثال التي ضربها الرب يسوع – كان العبيد الذين يعلمون في المزارع الكبيرة، نوعا من الموظفين. أما قوة العمل فكانوا يَستأجرون حسب الحاجة.
وكان رقيق المنازل والدولة، هم أكثر الأنواع انتشارًا. فكان اقتناء العبيد في المنازل نوعا من التفاخر بالثراء. وفي حالة اقتناء العائلة لعبد أو اثنين، فإنهما كانا يعملان إلى جانب السيد في نفس العمل. ولم يكون من السهل التمييز بين العبيد والأحرار في شوارع أثينا، وكانت الألفة بين العبيد وسادتهم موضوعًا للتندْر.
وكانت العائلات الكبيرة في روما تستخدم العشرات من العبيد كنوع من الفخفخة لا غير، دون حاجة ماسة لوجودهم. أما في حالة عبيد الدولة،فكانت القوانين التي تحكمهم، تمنحهم نوعًا من الاستقلال والاحترام. وكانوا يقومون بكل أنواع الخدمات، بما في ذلك خدمات الشرطة في بعض الحالات. بل كانت بعض المهن مثل الطب والتعليم تكاد تكون وقفًا على العبيد.