ومع أنه ليس كل مسيحي مدعواً ليصير خادماً مكرساً أو مرسلاً، إلا أن الله يقصد أن يكون كل مسيحي شاهداً ليسوع المسيح وأن عليه مسؤولية خطيرة في السعي لربح النفوس، سواء أكان في بيته أم في كليته أم مع رفاقه أم في عمله! أنه دمث الأخلاق كريم النفس أديب، وأيضاً مستقر ثابت لا يتزعزع! وخير وسيلة تبدأ بها ربح النفوس هي الصلاة، فاطلب من الله أن يعطيك اهتماماً خاصاً بواحد أو أثنين من أصحابك، ومن الحكمة أن تحصر اهتمامك في شخص أو اثنين من جنسك، ذكراً أم أنثى، وفي مثل عمرك، وصل بانتظام وتحديد لتغييرهما وتجديدهما مستفيداً من صداقتك لهما، ولا تبخل بوقتك عليهما وأحببهما من كل قلبك محبة خالصة. وسيأتي الوقت الذي يمكنك فيه أن تصحبهما معك إلى خدمة أو اجتماع حيث يسمعان رسالة الإنجيل أو أن تعطيهما نبذات مسيحية للقراءة، أو أن تحدثهما ببساطة عما فعله يسوع من أجلك وعما تشعر به نحوه وكيف وجدته. ولا حاجة لي إلى القول، أن أبلغ شهادة نؤديها، تصبح عديمة التأثير أو الفائدة، إذا ناقضتها حياتنا وقدوتنا، ولا شهادة أعمق أثراً وأبعد مدى من شهادة حياة جددها المسيح وغيرها.
هذه هي امتيازات ومسؤوليات أولاد الله الذين إذ يولدون ضمن الأسرة المقدسة أسرة الله، ويتمتعون بالآب السماوي في علاقة حميمة ومضمونة ومأمونة بكل تأكيد وضمان واطمئنان، يتدربون في ساعات تأملاتهم اليومية الهادئة، مخلصين في عضوية كنائسهم، ونشيطين في سعيهم وجهادهم، جادين في صلاتهم وشهادتهم الشخصية لربح نفوس أصدقائهم للمسيح، ولكنهم يعرفون دائماً بأنهم ليسوا من هذا العالم. ومع أن عليهم كمواطنين مسيحيين، واجبات مقدسة نحو بلادهم وأوطانهم، فإنهم في الوقت نفسه غرباء ونزلاء على الأرض، سائحين وسائرين إلى البيت الأبدي في السماء. ولذلك لا تغمرهم المصالح الشخصية والمطامع العالمية والملذات الجسدية، كما لا تثقل كاهلهم التجارب والأحزان في الحياة الحاضرة، متذكرين قول الكتاب المقدس {إن كنا نتألم مع المسيح فلكي نتمجد أيضاً معه} (رومية 17:8). وأن عيني المسيحي تتجهان دائماً نحو الأفق، منتظرة مجيء الرب الذي قال: {أنا آتي سريعاً} قائلة: {نعم تعال أيها الرب يسوع}.