فأدوار الرومان في جَلد المسيح وفي صلبه [تحقيق نبوءة: {جماعة من الأشرار اكتنفتني. ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيّ}+ ممّا في المزمور المذكور أعلى] بين لصَّين [تحقيق نبوءة: {سَكَبَ لِلموت نَفسَهُ وأُحصِيَ مَعَ أَثَمَة، وهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وشَفَعَ في المُذنِبِين}+ أشعياء 53: 12] وفي اقتسام ثيابه [تحقيق نبوءة: {يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وعلى لِبَاسِي يَقترِعُون}+ المزامير 22: 18] وفي قيام أحد العسكر بطعن جنبه بحربة [تحقيق نبوءة: {وأُفِيضُ عَلَى بَيْتِ دَاوُدَ وعَلَى سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ رُوحَ النِّعمَة والتَّضَرُّعَات، فيَنْظُرُونَ إِلَيَّ، الَّذِي طَعَنُوهُ، ويَنُوحُونَ عَلَيْهِ كَنائِحٍ عَلَى وَحِيد لَهُ...}+ زكريّا 12: 10] وفي التأكّد من موته وفي إنزاله من الصليب وفي تسليم جسده إلى يوسف الرّامي، من بين حقائق غابت عن مؤلِّف القرآن أو تجاهلها، وغابت تاليًا عن مفسِّري القرآن أو غضّ المستنير منهم بالطرف عنها.
فتأمّلا- أخي المسلم وأختي المسلمة- جيّدًا في هاتين الجزئيّتين، إذ لم تخطر إحداهما في ذهن أيّ مفسِّر قرآني! فإن خطرت فلم يجرؤ على تدوينها، لأنّ في تدوينها مخالفة عامّة الفقهاء من المفسِّرين ومن سائر أهل العِلم. فلو دوّنها لتعرَّض لتهمة الزندقة وما شابه وعقاب الزندقة معروف. ولديكما مأساة الحسين بن منصور الحلّاج (244- 309 هـ) من أشهر الأمثلة على اضطهاد المفكّرين من المتنوِّرين ومن المنوِّرين.