وتعليقي: أنّ معنى التهكّم: السخرية. وما رأيت تهكّمًا في قول محمد (إذ قالت الملائكة... إلخ ممّا في مقولة آل عمران:45) فحجّة ابن عاشور واهية ضعيفة، كأنّه ظنّ أنّ القرّاء سيمرّون على تفسيره مرور الكرام بدون رقابة ودون تحليل وكأننا نجهل معنى ما ورد فيها وما لحق بها من تفسير. ففي تفسير الطبري آل عمران:45 [إنّما سُمِّي "المسيح" لأنه مُسِح بالبركة] وفي تفسير ابن كثير بتصرّف: [وسُمِّي المسيح، قال بعض السلف: لكثرة سياحته. وقيل... (كلام سخيف)... وقيل: لأنه كان إذا مسح أحدًا من ذوي العاهات برئ بإذن الله تعالى] لكن سبق لابن كثير الزعم بتهكّم اليهود المذكور، ذلك في معرض تفسيره النساء:157 عينها وليس في تفسير آل عمران:45 فإليك ما قال: [وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله، أي هذا الذي يدّعي لنفسه هذا المنصب قتلناه. وهذا منهم من باب التهكم والاستهزاء، كقول المشركين: (يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون)- الحجر:6 فكان من خبر اليهود- عليهم لعائن الله وسخطه وغضبه وعقابه- أنّه لمّا بعث الله عيسى ابن مريم بالبّينات والهدى، حسدوه على ما آتاه الله من النبوّة والمعجزات الباهرات...] انتهى. ولي وقفة على لعائن ابن كثير بعد قليل.