الجزئيّة الثانية: تعارض نفي الصلب مع المائدة:44 و46 ظاهريًّا
أمّا هنا فقد نفى محمد صلب المسيح لكنّه أثنى في المائدة:44 و46 على كلّ من التوراة والإنجيل بأنّ فيهما هدًى ونورًا. هذا وفق اعتبار ترتيب "نزول" النساء التاريخي (92) صحيحًا، كذا ترتيب المائدة (112) حسب [ويكيبيديا: قائمة سور القرآن] بل قال أبو ميسرة الكوفي، وهو محدّث من الطبقة الأولى من التابعين: [المائدة مِن آخِر ما نزل من القرآن ليس فيها منسوخ...] عِلمًا أنّ ترتيب سور مصحف عثمان، الذي بين أيدي المسلمين اليوم، مختلف عن ترتيبها الأصلي حسب تاريخ النزول.
فيبدو بين نفي الصلب وبين الثناء على الإنجيل تناقض ما، لأنّ الهدى والنور لا يحجبان قضيّة الصلب. فما الذي حصل لمحمد بالضبط؟ والجواب في ما أوضحت في القسم الأوّل وإليك المزيد: لم تكن الروايات المنقولة عن كتب التلمود والهرطقات والمنحولات، المنسوبة إلى التوراة، توراتية! ولا المنسوب منها إلى الإنجيل إنجيليّة! فإمّا أن الحابل اختلط بالنابل على محمّد، أو أنّ محمّدًا فصَّل الكتاب المقدَّس على ذوقه وحسب ظنونه وفي ضوء فهمه وعلى قياس دعوته، فأخذ منه ما أخذ باعتبار نفسه (مهيمنًا عليه)- حسب تفسير المائدة:48 وغضّ بالطرف عمّا لم يعجبه فيه! وإليك شكلًا من أشكال الهيمنة المحمدية: (فبظُلْمٍ مِنَ الَّذِين هادوا حَرَّمْنا عليهم طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ...)- النساء:160 والمعنى حسب فهمي المتواضع وبعد إلقاء نظرة على تفسير الطبري للتأكد من صحّة الفهم: [حرّم ربّ محمد على اليهود طَيِّبات، أحلّها الله لهم، عقابًا على ظلمهم] أفليس هذا شركًا بالله يا ذوي الأباب وذواتها بعد التشكيك في رسالة محمد؟