فتعليقي ثالثًا على قول قتادة "إذا نزل" هو: ما مناسبة نزوله؟ وهل قوله "إذا" الشرطية غير الجازمة يدلّ على أنّ نزوله جائز لكنّه غير مؤكّد؟ وبعبارة أخرى: هل خالج عقل قتادة شكّ في نزول عيسى يومًا ما؟
أمّا بالعودة إلى الرازي فرأيت أنّه لم يكن موفّقًا في تفسيره "فلمّا توفَّيتَني" لأنه استند على "متوفّيك ورافعك" بدون تحليل الفرق بين المقولتين، كأنّه قال 1+1=1 وبعبارة أخرى؛ كيف تعادلت كفّة "توفّيتني" مع كفّة "متوفّيك ورافعك" ممّا في تفسيره؟
فمن الواضح أمامي ممّا تقدَّم أنّ معنى متوفّيك ورافعك هو: مُمِيتك ثمّ مُقيمُك (أي رافعك) من الموت.
وأمّا الحسن فقد أحسن في تفسيره، لأنّ القصد في القول (وإِنْ مِن أهل الكتاب إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ به قبل موته) هو أنّ جماعة مِن نسل أهل الكتاب، من الذين لم يؤمنوا بعيسى خلال مجيئه الأوّل، سيؤمنون به بعد نزوله من السماء ثانية فيشهد لهم يوم القيامة بأنهم باتوا من المؤمنين. فتفسير الحسن "إلا ليؤمنن به قبل موته" ممّا في النساء:159 بأنّ عيسى مرفوع "ولم يمُت بعد" صحيح في رأيي وفق السياق القرآني. لكن توجد مشكلة، لا أظنّ أنّ محمّدًا حسبها جيّدًا، لا هو ولا الحسن؛ قطعًا أنّ أهل الكتاب الذين عاصروا عيسى ماتوا. أمّا نسلهم غير المؤمن بعيسى فإنّ منهم من سيؤمن به بعد نزوله. لكن ما شأن الذين آمنوا بالمسيح منذ ذلك التاريخ إلى اليوم، من خلال تبشير المسيحيّين بالمسيح؟ هذا لأنّ المسيحيّة تبشيريّة، على خلاف اليهوديّة. لم يحسب محمد للمؤمنين الجدد حسابا. فكثير من اليهود قد تنصّروا، بدون انتظار نزول عيسى من جديد. والقصد أنّ ما أوحِيَ إلى محمّد ليس من الله لأنّ الله يحسب كلّ شيء بدقّة.