تكلم الله أيضًا إلى منوح الذي تنبأ عن ابنه. وعندما سأل عن اسم الله، أجاب منسى وقال أنه أعجب وأعظم من أن تحتويه الأذن البشرية (قضاه18:13). لذلك تنادى النفس الكلمة باقصى قدرتها، لكنها لاتقدر أن تعمل كما ترغب، لأن النفس تشتاق أكثر من قدرتها. لا ترغب النفس في ما هو غير قادرة على اِستقباله، مثل الله نفسه، ولكن اختيارها يتمشى مع رغبتها في. ولما كان ذاك الذي نُودى عليه الله غير ممكن الحصول عليه، فلذلك تقول العروس: “طلبته فما وجدته دعوته فما أجابنى“.
تكلمت العروس وكأنها تُشير إلى ضيقتها، ولكن يظهر لي أنه يلزم فحص كلماتها التي تحوى صعودها إلى مستوى أكثر ارتفاعًا. “وجدني الحرس الطائف في المدينة، ضربونىجرحونى، حفظة الأسوار رفعوا إزارى عنى“7:5.
تظهر هذه كأنها كلمات الألم وليس الفرح، وبالأخص عندما تقول “جرحونى حفظة الأسوار، رفعوا إزارى (برقعى) عنى“. وإذا فحصنا مع أني هذه الكلمات بدقة، يظهر أن العروس تفخر بمن تجده أعظم جمالاً. لذلك يمكن توضيح كلامها كالآتي: يشهد النشيد أن العروس قد تطهرت من كل ثوب عندما قالت: “قد خلعت ثوبى فكيف ألبسه قد غسلت رجلىّ فكيف أوسخهما؟!“3:5. والآن يقول النشيد أن برقعها رفُع عنها. وبرقع العروس هو غطاء للرأس والوجه كما في قصة رفقة (تك 65:24). كيف يكون للعروس التي خلعت ثوبها، حجابًا ينزعه عنها حفظة الأسوار؟ ألا يتضح من هذه الكلمات أن العروس قد تقدمت إلى مستوى أعلى؟ فبعد أن خلعت جلدها القديم وكل غطاء أصبحت أنقي من المرحلة السابقة. لايفهم أن العروس قد أزالت ما تغطى به جسمها، لأنه حتى بعد ما خلعت ثوبها وبرقعها وجدت أنها لا بد أن تنزع شيئًا آخر.