سفر نشيد الأنشاد
أوصى السيد المسيح تلاميذه (مت 24: 42) وحثهم على التأمل العميق في الآفاق العليا، بعد أن نفضوا عن طبيعتهم كل أوساخ العناصر المادية. وإحدى هذه الوصايا هي التغلب على النوم أثناء البحث عن الحياة السامية، إذ لابد أن يحتفظوا بعقولهم متنبهة حتى يتمكنوا من طرد الذي يخدع ويخون الروح والحق، ويُوحي بالرغبة الشديدة في النوم وأعني بهذه الحالة الخيالات التي تُشبه الأحلام التي يتصف بها بعض الحكام والأغنياء الغارقين في غرور غش هذه الحياة، مثل الكسل والكبرياء، الملذات المغرية، حب العظمة وملذاتها، وحب المظاهر وكل أنواع الخداع التي يسعى إليها الأشخاص المهملين. تزول هذه الأشياء والملذات المؤقتة بمرور الزمن. وقد تظهر أنها باقية ولكن ليس حسبما نعرف، فهي كالبحر يرتفع في أمواجه مُندفعة بتأثر حركة الرياح، وفجأة تنخفض ويصبح البحر هادئًا، وهكذا مع كل الأشياء المؤقتة أنها تتحطم مثل الأمواج.
وحتى لاتندفع عقولنا وراء الخيالات يجب أن نبعد النوم العميق عن عيون أرواحنا وألاّ تكون ميولنا نحو الأشياء الزائلة وننزلق بعيدًا عن ما هو حق وكائن. لذلك يُشجعنا المسيح أن نكون حذرين: “لتكن أحقاؤكم ممنطقة وسُرجكم موقدة” (لو 35:12). فالضوء الذي يشع من عيونا يبعد عنا النوم واحقاؤنا الممنطقة بالأحزمة لاتسمح للجسد أن ينام. كذلك الحركة التي نقوم بها أثناء العمل تجعلنا دائمًا يقظين. ومعنى هذه الرموز واضح إن يعيش الذي يتمسك بالأستقامة في ضوء الضمير النقي، لأن مصباح الثقة في النفس ينير حياته. وتبقى روحه متيقظة، ولا يمكن خداعها لأن أشعة الحق تحميها، كما لايهتم بالأحلام عديمة الفائدة. فإذا وصلنا إلى هذا المستوى بمساعدة المسيح تصبح حياتنا ملائكية. لأن الوصايا المقدسة تُقارننا بالملائكة قائلة: “وأنتم مثل أناس ينتظرون سيدهم متى يرجع من العرس حتى إذا جاء وقرع يفتحون له للوقت” (لو36:12).