يظهر أن الجسم يُغلب على أمره أثناء النوم وذلك بفقدانه المؤقت للحواس بينما يبقى العقل وحيدًا وغير مضطرب بالحواس. ويمكن أن نقول بحق أن الرؤية تستريح لعدم القيام بوظيفتها بينما تزدري النفس بالرؤى التي تُخيف الأطفال الصغار. إني لا أتكلم فقط على الأشياء المادية مثل الذهب والفضة والأحجار الكريمة التي تثير العيون الطامعة ولكني أقصد العجائب السماوية العظيمة: النجوم المتلألئة وما يظهر من تغيرات على كرة الشمس والقمر وأي شيء آخر مما يبهج العيون.
وجميع هذه سوف لا تبقى إلى الأبد ولكنها تتحرك وتبتعد مع دورة الزمن. ولكن عندما نفكر بعمق في عظمة الله يقل تقديرنا لهذه العجائب، وتتعب العين من النظر إليها ولا تنجذب النفس الكاملة إلى أي شيء مرئي بل تتأمل بالفكر في كل ما يسمو فوق ما هو حسن. وحتى السمع يتوقف عن القيام بوظيفته لأنه يهتم الآن بما وراء الكلام وتبتعد الروح عن حواسنا الحيوانية وهي التي تتمتع بالروائح العطرة وحاسة الذوق التي تخدم المعدة وحاسة اللمس العامة التي تنقصها الرؤية، ويظهر أن اللمس يتبع الأعمى، وإذا توقفت هذه الحواس بالنوم وبقيت دون عمل، يستمر عمل القلب في نقاء، ويتطلع المنطق إلى أعلى دون اضطراب بعيدًا عن حركة الحواس.