جهز العريس ببعد نظره نعمة أخرى لعروسه. أراد لنا كلمة الله نحن المتغيرين بالطبيعة أن لا نسقط في الشر، وأن نستخدم قدرتنا على التغيّر كطريق في صعودنا إلى مستويات أعلى باِستمرار التقدم إلى الكمال. وهكذا يمكن أن نظل ثابتين في الخير. لذلك يذكر النشيد، وكأنه المدرس أو الحارس من الشر، هذه الحيوانات المفترسة التي تم هزيمتها فيجب أن نزداد قوة في التمسك بالخير بعد أن نبذنا الشر. وبينما نتقدم باِستمرار نحو السمو والخير لا توجد فرصة للسقوط في الشر، لذلك يطلب العريس من العروس أن تأتي إليه من لبنان ويذَّكرها بالأسود التي قضت وقتًا في ارتباطها معها.
كلمة الله لها صوت ذا قوة واحدة. وكما أشرق النور بأمره بدء الخليقة وأسس السماء بإرادته (تك 1: 2-24) وظهرت بقية الخليقة بكلمته الخلاقة. وبنفس الطريقة عندما يأمر الكلمة النفس التي تقدمت للتقرب منه فإنها تتقوى في الحال وتصبح كما يريدها، أي تتحول إلى شيء مقدس وتنتقل من المجد الذي كانت فيه إلى مجد أعلى بواسطة التغير العظيم. لذلك يُظهر الكورال الملائكي حول العريس تعجبه للعروس ويُعبّر عن تقديره واحترامه لها قائلاً: “قد سبيت قلبي خالية من الانفعال، وتحيط بها الملائكة وتوفر لها الأخوَّة، وصلة القربى مع القوى الروحية. لذلك يقولون لها “قد سبيتِ قلبي يا أختي العروس”.
تشرفت العروس بكلمة “أختي”. فهي أختنا لأنها خالية من الهوى، وعروس لأنها اِتحدت بكلمة الله، نحن نفهم معنى الكلمات، قد سبيتِ قلبي، أو قد أعطيتني حياة وكأنه الملائكة قالت لها “أنت أعطيتنا قلبًا”، سوف نترك هذه الفقرة للقديس بولس لكي يشرح لنا هذه الأسرار. فيقول في رسالته للكنيسة (أفسس) عندما يشرح اِهتمام الله بنا عندما ظهر في الجسد، فلقد دخلت بذلك الطبيعة البشرية في نعمة الأسرار المقدسة “لكي يُعرف الآن عند الرؤساء والسلاطين في السماويات بواسطة الكنيسة بحكمة الله المتنوعة. حسب قصد الدهور الذي صنعه في المسيح يسوع ربنا. الذي به لنا جرأة وقدوم بإيمانه عن ثقة” (أف 3: 10-12).