لا يضع المسيح بهذه الكلمات حدودًا لعطشنا، ولا لتحرُكنا نحوه، ولا لارتوائنا من الشرب، ولكن يمتد أمره إلى مدى الزمن، ويحثنا أن نعطش وأن نذهب إليه. وإلى هؤلاء الذين ذاقوا وتعلموا بالتجربة أن الله عظيم وحلو (مز 34: 8)، فإن حاسة الذوق عندهم تُصبح حافزًا لزيادة التقدم. لذلك فالشخص الذي يسير باِستمرار نحو الله لا ينقصه هذا الحافز نحو التقدم. دعنا نعيد ما يقوله كلمة الله للعروس ليشجعها: “تعالي يا رفيقتي” ومرة أخرى “تعالي يا حمامتي واِحضري نفسك في محاجئ الصخر” يستعمل كلمة الله هذه التعبيرات الجذابة للتشجيع لكي يحفِّز النفس إلى الارتفاع إليه. “كلك جميل يا حبيبتي ليس فيك عيبة”. وحتى لا تتكبر النفس بهذه الشهادة ولا يتعطل صعودها إلى أعلى، يشجعها العريس حتى يحرك رغبتها في العبور فوق الحدود، “هلمي معي من لبنان” أي أنك عملت حسن باتباعي إلى هذه النقطة، لقد أتيت معي إلى جبل المرّ، لقد دُفنت معي بالمعمودية إلى الموت (رو 6: 4)، وذهبت معي إلى تل العشب العطري والبخور لأنك قُمت معي وارتفعت في مشاركة قداستي التي يَرمز إليها العشب العطري والبخور. ارتفعتي معي من هذه القمة إلى قمة أخرى أعلى من خلال المعرفة. لذلك يقول العريس “هلمي معي من لبنان” ليس كفتاةٍ ما زالت مخطوبة ولكن كعروس. لا يمكن لأحد أن يعيش معي دون أن يتغير بواسطة الموت بالمرّ إلى الحياة في القداسة محوطًا بالأعشاب العطرة والبخور. ولا يتوقف عن الصعود بعد أن تصل إلى هذا المستوى من الارتفاع، وكأنك حصلت على الكمال. فالأعشاب العطرة والبخور ترمز إلى بداية الإيمان الذي حصلت عليه بالقيامة من الأموات، أنه بداية التقدم إلى مستويات عليا من السمو. من هذه البداية وهي الإيمان “سوف ستتحرك إلى الأمام” أي أنك ستواصل تقدمك في الارتفاع.