ما هذا التعليم العظيم الذي يكشفه لنا الله في هذه الكلمات!
إن الكاتب المُلهم لا يكرر هذه الآية كلمة بكلمة دون سبب. يوضح التكرار أنه يوحي بتعليم مهم. يقول النص: أن الطبيعة الأبدية المباركة تعلو فوق كل إدراك وتشمل كل الأشياء في داخلها وهي غير محدودة. لأنه لا يوجد اسم أو مبدأ يمكنه أن يضع حدودًا لها: ليس الوقت أو المكان أو اللون أو الشكل أو الصورة أو الحجم أو الكمية أو الحدود أو شيء آخر. فأي خير نلم به يتبع طبيعة الله ويوجد في اللآنهاية وغير محدود بمقياس. لأن الشر ليس له مكان بينما الخير ليس له حدود.
يوجد بالطبيعة البشرية المتغيرة الخير والشر ويتبادل وجودهما لأن عندنا القدرة على اختيار أيّا منهما، وهما متناقضان. والنتيجة أنه يتبادل وجود الخير فينا مع الشر، ويُصبح الشر حاجزًا للخير. فجميع نشاطات نفوسنا تظهر متعارضة، وهي تشجب وتحدد بعضها البعض. وعلى الجانب الآخر تظهر الطبيعة الإلهية بسيطة، نقية، متجانسة (متوافقة) ثابتة، غير متغيرة وهي دائمًا على ما هو عليه (غير المحوى غير المستحيل)، وهي تستمر غير محدودة في الخير، لأنها لا يمكن أن تشترك مع الشر. وهي لا تعرف حدودًا لأنها لا تحتوي على متناقضات أو مضادات، لذلك حينما يجذب الله نفسًا بشرية لكي تتحد معه، وذلك لما له من وفرة السمو في الخير، تستمر النفس أولاً في النمو باشتراكها فيما هو أعظم منها، ولا تقف أبدًا عن النمو. والناحية الثانية التي تستفيد منها النفس هي أن الخير الذي تشارك فيه النفس يظل كما هو (غير محدود). لذلك فكلَّما استمرت النفس في المشاركة تعرف أكثر، وبوضوح أن هذه المشاركة جعلتها ترتفع في السمو إلى أفاق عُليا.
نحن نرى الآن العروس والكلمة يقودها إلى أعلى درجات الفضيلة، إلى علو الكمال.