9- المراكز العلمية وآباء وأدباء كنيسة المشرق
أقام السريان المشارقة مراكز علمية وحضارية للثقافة المسيحية السريانية والإغريقية ثم العربية: وغدت أديارهم مدارس المعرفة المدنية والدينية، ومحّجة محبّي العلم ولا يزال بعضها شاهدًا على هذه الحضارة والتواصل إلى اليوم، ونذكر في هذه الخلاصة أهمها:
الرهــــا
تسمى اليوم أورفا – أديسا او كما يحب ان يسمّيها الأتراك “Sanli Urfa”، تقع في جنوب تركيا الحالية على شاطيء نهر الفرات. يذكرها أوسابيوس القيصري (264-340) الذي زارها واكتشف فيها الرسائل المتبادلة بين ملكها أبجر ويسوع (الكتاب الاول، 13-5)، كما زارتها الراهبة الأكويتانية ايجيريا بين الأعوام (381-384).
كانت الرها مدينة حدودية ومركزا حضاريا وعلميا. فيها نشطت الحركة الثقافية السريانية منذ القرن الثاني، وعلى الأرجح فيها تمت ترجمة العهد الجديد إلى السريانية، وقد يكون منها انطلقت المسيحية إلى بقية مدن ما بين النهرين. فيها وُجدت مدرسة دينية بسيطة، أدارها معلِّمون بارزون مثل ططيانس (+170) وبرديصان (+222) ولكن تشكيل مدرسة لاهوتية منتظمة، يعود فضل تأسيسها إلى مار أفرام سنة 363، حيث اوجد لها مجلسًا إداريًا. خطّها التفسيري رباني rabinic، أي بعد أن يؤخذ بالمعنى الحرفي-التاريخي، يصار إلى التطبيق الرعوي- العملي. وقد أعطت هذه المدرسة نخبة من آباء ومفكرين ورعاة لكنيسة السريان المشارقة والمغاربة معاً. وتعد الرها أول مملكة مسيحية – سريانية.