في القرن الخامس، عرفت كنيسة المشرق إنتشاراً واسعًا، في مناطق بين النهرين وبلاد فارس والقبائل التركية في آسيا، وخصوصًا في زمن الجاثليق آبا الأول (540-552)، الذي زار الاسكندرية والقسطنطينية وأنطاكيا، وقام بإصلاحات كبيرة: ليترجّية وتنظيميّة لحياة الاكليروس. كما ازدهرت المسيحية في بلدان الخليج وقد أعطت بيث قطرايي، التي كانت تشمل أكثر من إمارة قطر الحالية، لاهوتيين بارزين، نذكر منهم: إبراهيم القطري وداديشوع وأيوب وإبراهيم برليفي واسحق أسقف نينوى.
أما القرن السادس، فقد شاهد حالة إصلاح ونهضة بفضل انتعاش الحياة الديرية مع إبراهيم الكشكري (+588). وصار جبل ايزلا لكنيسة المشرق، بمثابة جبل أثوس للكنيسة اليونانية. كما تقدم الفكر اللاهوتي بفضل الدراسات في مدرسة نصيبين. لكن المدرسة عرفت محنة حقيقية ايضًا، بسبب الجدال الاهوتي حول تعليم ثيودورس أسقف مصيصة، قاده مديرُها الملفان حنانا الحديابي الذي اعترض على سلطة الأخير المطلقة في تفسير الكتاب المقدس. أدى هذا الاختلاف الفكري إلى ان يتركها قسم من الأساتذة والطلاب، يقال ان عددهم كان يربو على300. وكنتيجة، حرّم مجمع الجاثليق سبريشوع (596)، كل من يرفض تفسير ثيودورس وتعليمه، وراح مجمع غريغوريوس (605)، يعلنه المعلم الأنموذج لاستقامة العقيدة في هذه الكنيسة.