فالربّ يُظهر محبته للنفس المريضة على قدر صعوبة الأحزان الّتي تواجهها “أَلقِ على الربّ همك وهو يَعُولُكَ”…
خلاصة الحديث أن الربّ محبة خالصة، وهو يعطي لكل منا ما هو لمنفعته الروحية من صحة ومرض. أما إذا مرضنا فلنذكر بأن المرض يكشف بؤس الانسانية المنفصلة عن الله، وهكذا نستخدمه لتطهير نفوسنا وتمجيد الله. ففي الاحزان والآلام نصبر ونرجو ونشكر الله، فيتحوّل كل شيء لقداستنا بمشابهة المسيح الّذي بموته وآلامه وصل الى القيامة.
يقول الذهبي الفم بأن الألم يُسيطر علينا بسبب الخطيئة في حين أن الالم في الوقت عينه يُحرّرنا من الخطيئة، فالآلام تصبح آلامًا خلاصية!! هذا يعني أنه بنعمة المسيح يصبح المرض الجسدي دواءًا لشرور النفس البشرية!! فالمرض الّذي يرافق الانسان ليس سوى جزء بسيط من الأحزان الكثيرة الّتي بواسطتها يدخل الإنسان ملكوت الله، وهو جزء من الصليب – الّذي نحمله ونتحمّله- لكي نستحقّ المسيح ونتبعه في طريق الخلاص الّذي شقّه لنا باحتماله الألم. يضيف القديس إسحق السرياني بأنه دون تذوّق سبب آلام المسيح ومعرفتها في الجسد، فلن يكون للنفس نصيب في الشركة مع الله، مما يعني أن الآلام تُشركنا مع المسيح المتألم على الصليب نفسه بحيث نصبح بها “مسحاء” شركاء في آلامه وبعدها في قيامته وحياته!!…