عرض مشاركة واحدة
قديم 19 - 07 - 2016, 07:35 PM   رقم المشاركة : ( 12 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,313,652

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: يسوع المسيح والحضارة

والموقف السلبي من الحضارة مبني على مقولة أن الحضارة ليست الهدف الأخير للمصير البشري. الحضاراة هي مجموعة قيم مختلفة هي من نتاج سياق التاريخ البشري. ولكن من الوجهة المسيحية، ليست المنجزات الحضارية للقيم المطلقة في الحياة، لا بل ليست هذه القيم الحضارية مستلزمات لا غنى عنها للخلاص. ويلاحظ الاب جورج فلورفسكي “أن البدائي يخلص كما العائش في الحضر. لا بل يمكن للإنسان أن يناقش أنه من السهل على البدائي أن يخلص شريطة أن يكون حراً من نير الحضارة، وبالتالي عنده الإمكانية لرؤية صافية ومباشرة للحقيقة المسيحية. التراكمات هي في العادة عراقبل من شأنها أن تحول دون بلوغ الإنسان جهالة الإنجيل. ومما لا شك فيه أن حكمة هذا العالم هي جهالة بالنسبة لله. لأنه مكتوب: الآخذ الحكماء بمكرهم. وأيضاً الرب يعلم أفكار الحكماء أنها باطلة” (1 كور 3: 19-20).
من المواقف الآنفة الذكر فيما يتعلّق بالسؤال حول المسيح والحضارة، يمكن للمرء أن يفهم أن الحضارة ليست صالحة على نحو غير مشروط، كما وليست هي شريرة بحد ذاتها. يمكن للحضارة أن تكون صالحة، وأن تكون عطية إلهية حقيقية، كما ويمكنها أن تكون شريرة أيضاً وأن تكون قوة شيطانية حقيقية أو نيراً. يمكنها أن تكون السبيل إلى فهم الإنجيل المسيحي إلا أنها وفي الوقت نفسه يمكنها أن تكون عائقاً أمام الوصول إلى الرسالة المسيحية. يمكن للحضارة بحق أن تسهّل الحياة البشرية وتساعد الناس وتعينهم في مسيرتهم الروحية، إلا أنها تستطيع أيضاً أن تغرّبهم عن الحياة الإنسانية الحقيقية فلا تسمح لهم تحقيق دعوتهم التي هي التقدم في المعرفة بغية الاتحاد بالله. يمكن للحضارة أن تساعد الناس في تطوير مواهبهم الشخصية، وبالتالي هي عنصر كبير في تقدم الإنسان، إلا أنه يمكنها في الوقت عينه أن تكون عبئاً ثقيلاً يرزح تحته الإنسان ويكبّل به إبداعه. في عالمنا المتمدّن نكاد لا نرى للعناصر الروحية أي وجود، فالإنسان يزرح تحت ثمار إبداعاته. وقد قيل بحقّ أن الإنسان في زماننا يعاني الكثير من استبداد الحضارة الرتيب، ومن قيود المدنية. ليس في حديثنا ركن لحياة إنسانية أصيلة مبدعة. هذا غريب لكنه أكيد، فالحضارة اليوم باتت تسير في اتجاه طريق غير متحضّر من الحياة.
  رد مع اقتباس