وكي نختم هذه النظرة التاريخية القصيرة يمكننا القول إن آباء الكنيسة الأولى المتحركين بين قطبي الحقيقة الإنجيلية والحضارة، كانوا شديدي الاقتناع أن الإنجيل المسيحي مركزي ومهيمن على حياة الإنسان.
والإنجيل، أو البشرى السارة، كان المسيح نفسه الذي صار جسداً وسكن بيننا (يوحنا 1: 14). لقد جاء الربّ يسوع إلى هذا العالم وذلك كي يرفع البشر إلى الله. وعلينا أن نقرأ أنه في هذا الإطار، فإن التعديلات المتعلّقة بمسألة المسيح والحضارة في التقليد المسيحي القديم، وعلينا أن نتذكر أن الولاء للمسيح يسوع لم يناقش من قبل المسيحيين المؤمنين أما الذين -وعلى غرار الغنوصيين- حاولوا أن يفسروا المسيح بالكامل، وفي صياغات حضارية، مؤثرين أن يزيلوا اي توتر أو تشنج بينه وبين التقاليد والمعتقدات الاجتماعية، فقد اعتبروا ببساطة، ومن قبل الكنسة، هراطقة وغرباء عن الشركة المسيحية. وليس من شك أن كنيسة الرسل والآباء، هي الشركة التاريخية، كانت منفتحة على المنجزات الحضارية، إلا أنها في الوقت نفسه كانت مطيعة ومكرسة لحقيقة يسوع المسيح. وهذه الحقيقة والتي هي المسيح نفسه وليست أي شيء قبل عنه، لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تخضع لأية تلفيقية Syncretism.
ويمكننا الكلام عما هو مقدس وحضاري له جذوره في خلق الإنسان، وفي إعادة الخلق الذي تم بالمسيح, ومن الجديد ههنا أن نراعي تفسيراً لاهوتياً مقتضباً من شأنه أن يسمح لنا بالبلوغ إل الفهم العام للعلاقة بين المسيحية والحضاراة. ونحتاج إلى لاهوت للحضارة يعيننا على فهم وتصحيح تقليدنا حول ماهية الحضارة، وحول المدى الذي يمكن ان تبلغه في الحياة الكنسية.
والحضارة ترتبط بالإبداع المعطى للناس من الله نفسه. وفي سفر التكوين نجد أن الرب أعطى آدم:
1- الإمكانية لحراسة الجنة وحفظها.
2- تسمية الحيوانات (2: 15-19).