وصول المسيحية إلى مكة: لا يختلف اثنان فيما نعلم في وصول المسيحيون من الأحباش إلى مكة وإقامتهم فيها لأغراض يقضونها. وإذا كان هؤلاء من “طبقة العبيد” وكانت منازلهم بعيدة عن الكعبة متاخمة للصحراء وكان ما يتحدثون به من قصص دينية لا يتصل بسمع أمجاد قريش وأشراف أهل البلد. فأمية ابن أبي الصلت الذي كان ينظر في الكتب ويقرأها ويلبس المسوح تعبداً وورقة ابن نوفل الذي عرف الإنجيل ونقل بعضه إلى العربية! وماذا نقول في القريشيين الأربعة ورقة ابن نوفل وعبيد الله ابن حجش وعمثان ابن الحويرث وزيد ابن نفيل الذي “خلصوا نجيّاً فقال بعضهم لبعض تعلموا والله ما قومكم على شيء لقد أخطئوا دين أبيهم ابراهيم ما حجر نظيف به لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع” فأما ورقة ابن نوفل فاستحكم في النصرانية واتبع الكتب من أهلها حتى علم علماً من أهل الكتاب. وأما ابن جحش فإنه هاجر مع المسلمين إلى الحبشة ثم تنصر ومات نصرانياً. وكذلك ابن الحويرث فإنه لجأ إلى قيصر وتنصر. وابن نفيل لم يدخل في يهودية ولا نصرانية ولكنه فارق دين قومه واعتزل الأوثان. (السيرة لابن هشام ج 1 ص178-179 ط. محيي الدين عبد الحميد).
خطباء المسيحيين: ولم يفد أبو طالب مالاً كثيراً من رحلته إلى الشام فأقام في مكة. وأقام محمد قانعاً بنصيبه. فإذا جاءت الأشهر الحرم ظل بمكة مع أهله أو خرج وإياهم إلى الأسواق المجاورة بعكاظ ومجنة وذي المجاز، يستمع لإنشاد أصحاب المذهبات والمعلقات ويصغي غلى خطب الخطباء ومن بينهم اليهود والنصارى الذين كانوا يأخذون على إخوانهم العرب وثنيتهم ويحدثونهم عن الإنجيل والتوراة ويدعونهم إلى الحق…… (حياة محمد لمحمد حسين هيكل ص77).
كتب بواسطة المؤرخ أسد رستم