المونوفيسيون والحيرة: وفي مطلع القرن السادس نشط المونوفيسون لبث دعوتهم في الحيرة فأمها شمعون الأرشمي وأقام فيها ودعا إلى بدعته فاستجاب له بعض المسيحون وبن أشرافهم كنيسة أو أكثر. “وكان غيوراً جدلا حاذقاً درباً”. ثم أوفد سويروس الأنطاكي أسقفين مونوفيسيين في سنة 513 إلى بلاط المنذر الثالث (505- 545) ليدعواه إلى القول بالطبيعة الواحدة. ويروى أنه تظاهر بالأسف الشديد عندما تناول حديثهما ميخائيل رئيس الملائكة. فلما سئل عن سبب تأسف قال أولا يؤسف لموت رئيس الملائكة. فطمأنه الأسقفان مؤكدين أن الملائكة لا تموت. فانتفض المنذر وقال متهكماً وهل يموت الإله المتحد بالمسيح بطبيعة واحدة على الصليب. فاكتفى الأسقفان وبقيت الحيرة نسطورية خالصة.
وظل المنذر الثالث هذا وثنياً يذبح للعزى ويقدم لها أفضل ما عنده. فقد جاء في بعض المراجع أن هذا المنذر قدم في السنة 544 ذبيحة لهذا الغرنوق ابن الحارث الغساني الذي وقع في يده أسيراً في إحدى غزواته وأنه ضحى بأربع مئة عذراء وقعن تحت برائنته في حمص لمناسبة دخوله إليها.