وناصر الحارث المونوفيسيين ولم يدخر وسعاً في الدفاع عنهم وتحريرهم من الاضطهاد. وتمكن في السنة 542-543 من تحقيق رجائه لدى ثيودورة الأمبراطورة بتعين يعقوب البرادعي ورفيقه ثيودوروس أسقفين في العربية أو غيرها. فتوطدت بذلك دعائم الكنيسة اليعقوبية. ويظهر من أقوال يوحنا الأفسسي أن الحارث سعى لحل المشاكل العقائدية والشخصية بين اكليروس اليعاقبة و اكليروس الكنيسة الأرثوذكسية الجامعة، ولكن دون جدوى. ويرى العلامة ثيودور نولدكه أن الحارث لم يدرك حقيقة المسائل التي كانت تدور عليها تلك النزاعات وإنما كان مدفوعاً بالعامل السياسي لمعاضدة المذهب الذي كانت تتبعه أكثرية الشعب في إمارته.
ويجب ألا يغيب عن البال أن أمراء غسان لم يجمعوا القول بالطبيعة الواحدة. فالدعاء للمنذر ابن الحارث الذي وجد منقوشاً على حجر في إحدى نواحي تدمر أو النبك يشمل عبارة هامة جداً تنص بما يلي: “واهد الضالين من اخوته إلى معرفة الحق أيها الله تعالى”. فإأذا ما ذكرنا أن هذا النص يتضمن أيضاً الإشارة “إلى الأسقفين المحترمين القديسين” يعقوب البرادعي ورفيقه ثيودورس يتبين أن المقصود من ضلال اخوة المنذر انتماؤهم للكنيسة الأرثوذكسية الجامعة وقولهم معها بالطبيعتين.