علينا أن نحسب الكرم فردوسًا، وقد أمر الإنسان إن يحرسه. إهماله في حراسته جعله يُطرد منه، وصار مقيمًا حيث تغرب الشمس بدلاً من مكان شروقها، لذلك فإن شروق الشمس يظهر في غروبها. “غنوا لله رنموا لاسمه. أعدوا طريقًا للراكب في القفار باسمه ياه، واهتفوا أمامه” (مز 67: 4)، حتى أنه عندما يشع النور في الظلام يتحول الظلام إلى إشعاعات مضيئة، وتعود العروس السوداء إلى جمالها الأول. إن التباين في المعنى الحرفي للنص يمكن إصلاحه إذا ما تطلعنا إلى المعنى الحقيقي: “جعلوني ناطورة الكروم” مثلما قيل: “جعلوا أورشليم أكوامًا” (مز 78: 1). والواضح في مفهوم النص هنا أن الله وليس الأبناء قد جعل العروس حارسة للكرم المقدس. إن الأبناء غضبوا على العروس، وضعوها كمظلة في كرم، كخيمة في مقثأة (إش 1: 8). وقد حرمت من الفاكهة المحروسة وذلك من خلال العصيان، فصار الناظر إليها يرثي لها، حيث إن الشيء الذي كان محروسًا بداخلها لم يعد موجودًا. وضع الله آدم في جنة عدن ليعملها ويحفظها (تك 2: 15)، قالت العروس: حينما نفخ في الله نفخة الحياة (إذ تمتع الإنسان بالحياة في الفردوس حيث أقامه الله هناك ليعملها ويحفظها)، وحولني الأعداء من حراسة الفردوس إلى حراسة كرمهم حيث عناقيده مملوءة مرارة وشجيراته تخرج غضبًا.
يتبع…..
القديس غريغوريوسالنيصي