“اَخبرني يا من تحبه نفسي”.
سفر نشيد الأنشاد
السهر في الشر!
[تشعر العروس بمرارة حينما تجد النفس التي كان يلزمها أن تحرس الفردوس الذي وهبها الله إياه، إذا بها تسهر على تحطيمه. عوض حراسة الصلاح الذي وهبها الله إياه، إذا بها تصير حارسة للشر لئلا تفقده!]
هكذا كان كرم سدوم، وأيضًا عمورة التي أدينت؛ خلالهما قد بث غضب الحيات المميت وقد انسكب في معصرة سدوم المملوءة شرورًا (يؤ 3: 14). وإلى يومنا هذا يوجد كثير ممن يسهرون بحماس على شهواتهم، خشية أن يفقدونها.
لاحظ الإنسان الشرير الذي يسهر على الزنى متمثلاً في الشر والجشع. مثل هؤلاء الذين يسهرون على الشر يعتبرون أن الحرمان من الخطية خسارة. وفي حالات أخرى يمكن للإنسان بالمثل أن يلاحظ الذين يستمتعون بالشهوات والتفاهات أو ما شابه ذلك، قد أحاطهم دائمًا أناس من كل نوع يسهرون على مثل هذه الشرور وقد اعتبروه امتيازًا ألا يُحرموا من الشهوات أبدًا.
تعبِّر العروس عن مرثاتها قائلة: قد صرتُ سوداء لأنني كنت أحرس وأرعى زوان العدو (مت 13: 25) وسهامه الشريرة، “أما كرمي فلم أنطره.” كم تشعر العروس بالأسى حينما تجد من حولها يرددون “أما كرمي فلم أنطره!”
إن صدى هذه الكلمات لهو حقًا مرثاةً تجعل الأنطره ينوح بكل وجدانه
كيف صارت صهيون المدينة الأمينة المملوءة عدلاً عاهرة؟
كيف تركت ابنة صهيون كخيمة في الكرم؟
كيف تُركت المدينة التي كانت يومًا ما عامرة بالناس، مهجورة؟
كيف صارت المدينة التي كانت متسلطة على المناطق المجاورة لها، تحت الجزية؟
كيف اِكدرَّ الذهب وتغير الإبريز الجيد (مرا 4: 1)؟
كيف صارت سوداء، هذه العروس التي كانت تشع بالنور الحقيقي في البدء؟
“كل هذا قد حدث لي” تقول العروس “لأن كرمي لم أنطره”.
الخلود هو الكرم، هو حالة تحرر من الشهوات، تشبه بالله وتغرب عن الشر. إن ثمرة هذا الكروم هي النقاوة. هذا هو عنقود العنب الناضج البرَّاق الذي يدفئ حواس النفس ويعطيها عذوبة في طهارة. محلاق العنب هو الاتحاد والنسب للحياة الأبدية.
إن النباتات التي تنمو ما هي إلا الفضائل السماوية التي ترتفع إلى قامة الملائكة. إن الأوراق تنبت وتتحرك برقة على الأغصان مع النسيم الهادئ، وزينة الفضائل المقدسة المتعددة الوجوه التي تنبت مع النفس كلاهما معًا.
تقول العروس إنه رغم أنها امتلكت كل ذلك وقد أثمرت إلا أنها قد صارت سوداء: “أما كرمي فلم أنطره”، إذ نبذت الطهارة صارت في صورة مظلمة. هذا الجلد هو رداء أو الشكل الخارجي الأسود (تك 3: 21). لكن البر قد أحبني. فإنني أتقبل نصيبي السعيد إذ صرت جميلة ومضيئة. لن أفقد جمالي مرة أخرى، إذ فشلت قبلاً بسبب جهلي أن أحافظ على كرمي وأحرسه”.